وبالياء فيهما النقط من تحتها (١) حملًا على ما قبله من لفظ الغيبة وهو قوله: ﴿مِنْ ظُهُورِهِمْ﴾ إلى قوله: ﴿عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾.
قال أبو علي: وكلا الوجهين حسن؛ لأن الغُيَّب هم المخاطبون في المعنى (٢).
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ﴾ أي: فلحقه وأدركه وصار قرينًا له. يقال: أَتْبَعْتُ القومَ، إذا كانوا قد سبقوك فلحقتهم وأدركتهم، وأَتْبَعْتُ أيضًا غيري، يقال: أَتْبَعْتُهُ الشيءَ فتبعه (٣). فيحتمل على هذا أن يكون المفعول الثاني محذوفًا في الآية، أي: فأتبعَهُ الشيطانُ جنودَهُ، أو خطواته، والأول أمتن وعليه الجمهور.
قال أبو الحسن: تَبِعْتُهُ وأَتْبَعْتُهُ بمعنًى، مثل: رَدِفتُهُ وأَرْدَفْتُهُ (٤).
وقرئ: (فاتَّبعه) (٥)، بمعنى فتبعه، وهذه القراءة تعضد الوجه الأول، وأن اتَّبَع هنا بمعنى تبع.
وقد ذكر معنى الغاوي فيما سلف من الكتاب (٦).
(٢) الحجة ٤/ ١٠٧.
(٣) من الصحاح (تبع).
(٤) حكاها عنه الجوهري في الموضع السابق.
(٥) نسبت إلى الحسن، وطلحة بن مصرف بخلاف عنهما. انظر المحرر ٧/ ٢٠٦. والزاد ٣/ ٣٨٩. والبحر ٤/ ٤٢٣.
(٦) انظر إعرابه للآية (٢٥٦) من البقرة.