قوله عزَّ وجلَّ: ﴿لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾ من صلة ﴿جَعَلَ﴾، الزمخشري، أي: ليطمئن إليها، ويميل ولا ينفر، لأن الجنس إلى الجنس أَميل وبه آنس (١)، ولذلك كانت الأشياء تحنُّ إلى أشكالها، وتهرب من أضدادها.
وقال: ﴿لِيَسْكُنَ﴾ فذكّر بعدما أنّث في قوله: ﴿وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ ذهابًا إلى معنى النفس، إذ المراد بها آدم - عليه السلام -، أو لأن الذَّكَرَ هو الذي يسكن إلى الأنثى ويتغشاها (٢).
والتغشي كناية عن الجماع، وكذلك الغشيان، يقال: تغشَّى حليلته وغشيها، إذا علاها.
وقوله: ﴿حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا﴾ خف عليها، يعني المنيّ، والحَمل بفتح الحاء: ما كان في البطن وأخرجه الشجر، وبالكسر: ما يحمل.
وقوله: ﴿فَمَرَّتْ بِهِ﴾ الجمهور على تشديد الراء، وهو من المرور، أي: فقامت بذلك الحمل الخفيف وقعدت إلى أن صارت إلى حال الثقل، عن قتادة وغيره (٣).
وقيل: هو مقلوب مثل أدخلت القلنسوة في رأسي. والمعنى: فاستمر بها (٤).
وقرئ: (فمرَت) بتخفيفها (٥)، وهو مخفف من قراءة الجمهور لثقل
(٢) الزمخشري في الموضع السابق.
(٣) بهذا اللفظ لم أجد من نسبه إلى قتادة. وذكره الطبري ٩/ ١٤٣ من كلامه. وقاله ابن الجوزي ٣/ ٣٠١ دون نسبه. وعزاه القرطبي ٧/ ٣٣٧ إلى الحسن ومجاهد وغيرهما. وانظر معاني الفراء ١/ ٤٠٠. ومعاني الزجاج ٢/ ٣٩٥.
(٤) حكاه النحاس في معانيه ٣/ ١١٤ عن أبي حاتم. وانظر القرطبي ٧/ ٣٣٧.
(٥) قراءة شاذة نسبت إلى يحيى بن يعمر، وابن عباس - رضي الله عنهما -، وأبي العالية، وأيوب. انظر معاني النحاس ٣/ ١١٤. والمحتسب ١/ ٢٦٩. والكشاف ٢/ ١٠٩. والمحرر الوجيز ٧/ ٢٢٣. وزاد المسير ٣/ ٣٠١.