﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (١٠)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ﴾ فإن قلت: إلَامَ يرجح الضمير في ﴿وَمَا جَعَلَهُ﴾؟ قلت: إلى أحد خمسة أشياء:
إما إلى الألف، أو إلى الإِمداد دلَّ عليه ﴿مُمِدُّكُمْ﴾، أو إلى الإرداف دل عليه ﴿مُرْدِفِينَ﴾، أو إلى الدعاء دل عليه ﴿فَاسْتَجَابَ لَكُمْ﴾، أو إلى الوعد دل عليه معنى الكلام، وقد جوز أن يكون للبشرى حملًا على المعنى؛ لأن البشرى والاستبشار بمعنى. وكذلك الضمير في ﴿بِهِ﴾ حكمه حكمه (١).
و﴿بُشْرَى﴾ مفعول ثان لجعل إن جعلته بمعنى صير، وإن جعلته بمعنى عمل كان ﴿بُشْرَى﴾ مفعولًا من أجله، أو بدلأ من الضمير في ﴿جَعَلَهُ﴾، وقد ذكر في "آل عمران" (٢).
وقد مضى الكلام على قوله: ﴿وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ﴾ أيضًا في "آل عمران" فأغنى ذلك عن الإِعادة هنا (٣).
﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (١١)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: (إذ يغْشَاكُم) (إذ) يحتمل أن يكون بدلًا من ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ﴾ (٤)، وأن يكون منصوبًا بالنصر، أو بما في ﴿مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ من معنى الفعل، أو بما ﴿جَعَلَهُ﴾، أي: جعله بشرى لكم حين يغشاكم النعاس.

(١) انظر هذه الأوجه في إعادة الضمير الذي في (جعله) مشكل مكي ١/ ٣٤٢. والدر المصون ٥/ ٥٧٢ - ٥٧٣. وقد تقدم الكلام عليه أيضًا في آل عمران (١٢٦).
(٢) آية (١٢٦) حيث تقدمت هذه الجملة هناك.
(٣) انظر الموضع السابق.
(٤) أول الآية (٧).


الصفحة التالية
Icon