وقريء: (إني معكم) بكسرها (١) على إرادة القول، أو على إجراء ﴿يُوحِي﴾ مجرى يقول، لأنه نوع من القول.
وقوله: ﴿فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ﴾ اختلف فيه، فقيل: فوق هنا: مزيدة، أي: فاضربوا الأعناق (٢).
وقيل: هو مفعول به على السعة، لأنه قد استعمل اسمًا، بشهادة قوله: ﴿وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ (٣)، أي: فاضربوا أعالي الأعناق التي هي المذابح، لأنها مفاصل (٤).
وقيل: هو ظرف والمفعول محذوف تقديره: فاضربوا فوق الأعناق الرؤوس (٥).
والوجه عندي: أن يكون مفعولًا به على إقامة الصفة مقام الموصوف، كأنه قيل: فاضربوا مكانًا فوق الأعناق، يعضده قوله أبي العباس المبرد - رَحِمَهُ اللهُ -: ﴿فَوْقَ﴾ يدل على إباحة ضرب وجوههم؛ لأنها فوق الأعناق (٦).
وقوله: ﴿وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ (منهم) يحتمل أن يكون من صلة قوله: ﴿وَاضْرِبُوا﴾، وأن يكون حالًا من ﴿كُلَّ بَنَانٍ﴾ لتقدمه عليه، فيكون متعلقًا بمحذوف، أي: واضربوا كل بنان كائنًا منهم.
والبنان: أطراف الأصابع من اليدين والرجلين، الواحد بنانة وهي جمع

(١) نسبت إلى عيسى بن عمر بخلاف عنه. انظر المحرر الوجيز ٨/ ٢٦. والبحر ٤/ ٤٦٩. والدر المصون ٥/ ٥٧٧.
(٢) قاله الأخفش ١/ ٣٤٦. والنحاس في معانيه ٣/ ١٣٧. وأخرجه الطبري ٩/ ١٩٨ عن عطية، والضحاك. وانظر النكت والعيون ٢/ ٣٠١.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ٤١.
(٤) الكشاف ٢/ ١١٨.
(٥) نسب الماوردي ٢/ ٣٠١ هذا القول إلى عكرمة.
(٦) حكاه عن المبرد: النحاس ١/ ٦٦٩. ومكي ١/ ٣٤٣.


الصفحة التالية
Icon