تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٧) ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (١٨)}:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ﴾. (متحرفًا ومتحيزًا) انتصبا على الحال من المستكن في ﴿يُوَلِّهِمْ﴾، و ﴿إِلَّا﴾ لغو، أو على الاستثناء منه؛ لأنه في معنى الجمع، أي: ومن يولهم إلَّا رجلًا منهم متحرفًا، أي: مائلًا، يقال: تحرف عن القوم وانحرف واحرورف، إذا مال وعدل.
﴿أَوْ مُتَحَيِّزًا﴾: أي مُنْضَمًّا، وأصله متحيوز، متفيعل؛ لأنه من حاز يحوز.
﴿فَقَدْ بَاءَ﴾: الفاء جواب الشرط.
والقول في: ﴿ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ﴾ كالقول في: ﴿ذَلِكُمْ... وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ﴾ (١).
وقرئ: ﴿مُوهِّنٌ﴾ بتشديد الهاء والتنوين، ونصب (كيد الكافرين) (٢)، وتحقيقها ونصب (كيد الكافرين) (٣)، على الأصل والإِعمال، وبالتخفيف والإِضافة (٤)، وهو ظاهر.
وأصل الفعل: وهَن ووهِن أيضًا بالكسر، ثم نقل بالتضعيف أو بالهمزة، كخرج وخرَّجتُه وأخرجته، والأمران فيهما حسن جيد، وقد أوضحت هذا فيما سلف بأشبع ما يكون (٥).

(١) من الآية (١٤) المتقدمة.
(٢) قرأها المدنيان، وابن كثير، وأبو عمرو، وروح عن يعقوب كما سوف أخرج.
(٣) يعني: (مُوْهِن)، وهي قراءة ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف، وأبو بكر عن عاصم. وزيد ورويس عن يعقوب.
(٤) أي: (مُوهِنُ كيدِ)، وهي قراءة حفص عن عاصم. انظر هذه القراءات المتواترة في السبعة ٣٠٤ - ٣٠٥. والحجة ٤/ ١٢٧. والمبسوط ٢٢٠/ ٢٢١. والتذكرة ٢/ ٣٥٢.
(٥) انظر إعرابه لقوله تعالى: ﴿فَمَا وَهَنُوا... ﴾ [آل عمران: ١٤٦].


الصفحة التالية
Icon