قوله عز وجل: ﴿إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا﴾ (إذ) يحتمل أن يكون بدلًا من ﴿يَوْمَ الْفُرْقَانِ﴾، وأن يكون ظرفًا لـ ﴿قَدِيرٌ﴾ (١)، وأن يكون منصوبًا بإضمار: اذكروا.
والعدوة بضم العين وكسرها وفتحها: جانب الوادي وحافته، وقد قرئ بهن (٢)، وجمعها عِداءٌ، كَبُرْمَة وبرام.
وعن أبي عمرو: أن العُدوة والعِدوة: المكان المرتفع (٣).
وقرئ: (بالعدية) على قلب الواو ياء (٤)، كما قالوا: هو ابن عمي دنيا، وهو من دنوت، وقالوا: قنية، وهو من الواو؛ لأن بينهما وبين الكسرة حاجزًا غير حصين.
والدنيا والقصوى: تأنيث الأدنى والأقصى، وكلتاهما فُعْلَى من ذوات الواو، وكان القياس في القصوى: القصيا؛ لأنها فُعْلَى من الصفات الجارية مجرى الأسماء، وفعلى إذا كانت كذلك تقلب لامها ياء من غير علة، ولكنها جاءت بالواو على طريق الشذوذ إيذانًا بالأصل وإشعارًا به، كما جاء قود واستحوذ كذلك لذلك.
وقد جاء: القصيا، غير أن استعمال القصوى أكثر، وهو لغة التنزيل كما ترى.
وقوله: ﴿وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ﴾ الركب: مبتدأ، وخبره {أَسْفَلَ
(٢) أما الضم والكسر فمن المتواتر، فقد قرأ ابن كثير، والبصريان: (بالعِدوة) بكسر العين.
وقرأ الباقون بضمها. انظر السبعة/ ٣٠٦/. والحجة ٤/ ١٢٨. والمبسوط/ ٢٢١/. وأما فتح العين فقد رويت عن قتادة، والحسن، وعمرو باختلاف عنهم. انظر المحتسب ١/ ٢٨٠. والمحرر الوجيز ٨/ ٧٥.
(٣) حكاه عنه الجوهري (عدا).
(٤) قراءة شاذة حكاها الزمخشري ٢/ ١٢٧. والسمين ٥/ ٦١٠.