وقرئ: (إنهم) بالكسر على الاستئناف، وبالفتح (١) على أنه مفعول له، أي: لأنهم، بمعنى: ولا يحسبوا ذلك لأجل أنهم لا يفوتون.
قيل: وكل واحد من المكسورة والمفتوحة تعليل، إلا أن المكسورة على طريقة الاستئناف، والمفتوحة تعليل صريح (٢).
وقيل: هو مفعول الحسبان، فيكون ﴿سَبَقُوا﴾ على هذا حالًا لكون (أنهم) يسدّ مسدّ المفعولين بمعنى سابقين، أي: مفلتين هاربين، وتكون قد معه مرادة، أو بدل من ﴿سَبَقُوا﴾، و (لا) على كلا التأويلين صلة (٣).
والجمهور على فتح نون ﴿لَا يُعْجِزُونَ﴾، وقرئ بكسرها (٤) على الإِضافة إلى الله عز وجل، والأصل: لا يعجزونني، فحذفت إحدى النونين كراهة المثلين، والياء اجتزاء بالكسرة عنها.
﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (٦٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ الإِعداد للشيء:
(٢) الكشاف ٢/ ١٣٢.
(٣) أي زائدة، وانظر هذا الإعراب في معاني الزجاج ٢/ ٤٢٢. والتبيان ٢/ ٦٣٠ وضعفاه.
(٤) هكذا بكسر النون فقط ذكرها أبو إسحاق الزجاج ٢/ ٤٢٢. والنحاس في إعرابه ١/ ٦٨٤. ونسبها الزمخشري ٢/ ١٣٢. وابن عطية ٩٨/ ٨ إلى ابن محيصن. ونسبها أبو حيان ٤/ ٥١١ إلى طلحة. ويظهر أنه فيها قراءات أخر، فقد ذكر النحاس في معانيه ٣/ ١٦٥ أن قراءة ابن محيصن (لا يُعَجِّزونِ) بالتشديد وكسر النون، وحكاها القرطبي ٨/ ٣٤ عنه. ووجه آخر حكاه أبو حيان ٤/ ٥١٠ عن ابن محيصن أنه قرأ (لا تعجزوني) بكسر النون وياء بعدها، والله أعلم.