وقوله: ﴿لَمَنْ تَبِعَكَ﴾ اللام في ﴿لَمَنْ﴾ موطئة للقسم، و (مَن) شرطية في موضع رفع بالابتداء. و ﴿لَأَمْلَأَنَّ﴾ جواب قسم محذوف، وهو ساد مسدّ جواب الشرط أعني جواب القسم، كأنه قيل: من تبعك أعذبه، ثم أكد ذلك بالقسم.
قال الرماني: ولا يجوز أن تكون (مَن) في قوله: ﴿لَمَنْ﴾ موصولة؛ لأنها لا تقلب الماضي إلى المستقبل، قلت: ويجوز أن تكون موصولة ولا يلزم ما ذكر (١).
والجمهور على فتح اللام في (لَمن) وقرئ: (لِمن) بكسرها (٢) على معنى: هذا الوعيد لمن تبعك منهم، وهو قوله: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ على أن ﴿لَأَمْلَأَنَّ﴾ في محل الابتداء، و (لِمَن تَبِعَكَ) خبره (٣).
فإن قلت: لم قيل: ﴿مِنْكُمْ﴾ والمخاطب واحد؟ قلت: قيل: غلّب ضمير المخاطب وهو (منك) على ضمير الغائب وهو ﴿مِنْهُمْ﴾، كما في قوله: ﴿إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ (٤).
و﴿أَجْمَعِينَ﴾: توكيد للكاف والميم.
﴿وَيَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَيَاآدَمُ﴾ أي: وقلنا يا آدم.
وقوله: ﴿هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾ الأصل: (هذي) بالياء، وبه قرأ بعض القراء (٥).
(٢) نسبت إلى عاصم في رواية أبي بكر بن عياش كما في إعراب النحاس ١/ ٦٠٣. والكشاف ٢/ ٥٦. ونسبها ابن عطية ٧/ ٢٤ - ٢٥ إلى عاصم الجحدري، والأعمش.
(٣) هذا إعراب الزمخشري: انظر الكشاف في الموضع السابق.
(٤) من الآية (١٣٨) من هذه السورة. وانظر هذا القول في الكشاف ٢/ ٥٦.
(٥) هو ابن محيصن كما في المحتسب ١/ ٢٤٤. والمحرر الوجيز ٧/ ٢٦.