الذين عاهدتم منهم، ثم لم ينقصوكم، فأتموا إليهم عهدهم (١).
ومعنى ﴿لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا﴾: لم ينقصوكم من شروط العهد شيئًا.
﴿وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا﴾: أي ولم يعاونوا عليكم عدوًا.
وقرئ: (لم يَنْقُضوكُم) بالضاد معجمة (٢)، بمعنى: لم ينقضوا عهدكم، فحذف المضاف. ﴿شَيْئًا﴾: واقع موقع المصدر، أي: نقضًا.
﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ ظرف لقوله: ﴿وَاقْعُدُوا﴾، كقوله: ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ (٣). والمرصد: موضع الرصد، وقيل: على إسقاط الجار، أي: على كل مرصد، عن أبي الحسن (٤).
﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ﴾ ارتفاع ﴿أَحَدٌ﴾ بفعل مضمر دل عليه ما بعده، أي: وإن استجارك أحد استجارك، ولا يرتفع بالابتداء، كما زعم بعضهم، لأن إن الشرطية من عوامل الأفعال مختصة بها (٥).

(١) قاله الزمخشري ٢/ ١٣٩.
(٢) قراءة شاذة نسبت إلى عطاء، وعكرمة، وابن السميفع. انظر معاني النحاس ٣/ ١٨٥. والمحتسب ١/ ٢٨٣. والمحرر الوجيز ٨/ ١٣٢. هذا وقد اختلف في عطاء فبينما كناه ابن عطية، والقرطبي بابن يسار. كناه أبو حيان ٥/ ٨ وتلميذه السمين ٦/ ١٠ بابن السائب الكوفي. قلت: وكلاهما ممن روى القراءة، فالله أعلم. وفي معاني النحاس صحف إلى عطاء بن (سنان). فلا يلتفت إليه.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ١٦.
(٤) انظر معانيه ١/ ٣٥٣. وحكاه عنه الزجاج ٢/ ٤٣٠. والنحاس ٢/ ٥.
(٥) انظر في هذا أيضًا وبشكل موسع الزجاج ٢/ ٤٣١ - ٤٣٢.


الصفحة التالية
Icon