وقيل: ﴿عِنْدَ اللَّهِ﴾ و ﴿كَيْفَ﴾: حال من العهد (١).
وقوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ﴾ محل ﴿الَّذِينَ﴾ يحتمل أن يكون جرًا على البدل من ﴿الْمُشْرِكِينَ﴾، لأن ما قبله في معنى النفي، وقد أوضحت، وأن يكون نصبًا على الاستثناء؛ لأن لفظه لفظ الإِيجاب، أي: ولكن الذين عاهدتم منهم عند المسجد الحرام ولم يظهر منهم نقض. قيل: وهم بنو كنانة وبنو ضمرة (٢).
وقوله: ﴿فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ﴾ (ما) تحتمل أن تكون شرطية في موضع رفع بالابتداء، وخبره فعل الشرط، أي: إن أقاموا على الوفاء بعهدكم فأقيموا لهم على مثله، وأن تكون زمانية في موضع نصب، أي: فاستقيموا لهم زمانَ أو مدةَ استقامتِهم لكم.
﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا﴾ (كيف) تكرار لاستبعاد ثبات المشركين على العهد، وحُذُف المستفهمُ عنه لكونه معلومًا مع دلالة ما تقدم، أي: كيف يكون لهم عهد؟ أو كيف تركنون إليهم؟ أو كيف لا تقتلونهم وحالهم أنهم إن يظهَرُوا عليكم بعد أخذ المواثيق والعهود لم ينظروا في شيء من ذلك؟.
و﴿لَا يَرْقُبُوا﴾: جواب الشرط، و ﴿لَا﴾: للنفي.
و﴿إِلًّا﴾ منصوب بقوله: ﴿لَا يَرْقُبُوا﴾، أي: لا يراعوا عهدًا، عن مجاهد وغيره (٣).
(٢) هذا قول ابن إسحاق والكلبي، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -. هم قريش. وعن مجاهد: أنهم خزاعة. انظر النكت والعيون ٢/ ٣٤٢. وزاد المسير ٣/ ٤٠٠.
(٣) أخرجه الطبري ١٠/ ٨٤ عنه وعن ابن زيد. وهو قول أبي عبيدة في المجاز ١/ ٢٥٣.