وهو جمع ساق أيضًا، إلا أنه جاء على فُعَالٍ، كرجل ورجالٍ، وظئر وظؤار، وكان قياسه أن يكون سقاءً بالتذكير، إلّا أنه أنث كما تؤنث الجموع، نحو: حجارة وذكارة.
وقد جوز أن تكون السقاية والعمارة على قراءة الجمهور جمع ساق وعامر، كراع ورعاء، وأنث كما ذكرت آنفًا.
والوجه هو الأول وعليه الجلُّ، وهو أن يكونا مصدري سَقى وَعَمَرَ، لسلامته من التعسف والتقديرات (١).
والسُّقاية والسِّقاية على قول من جعلها جمع ساقٍ مبنية على التأنيث لا على أنه أنث سقاء؛ لأنه لو أراد ذلك لقال: سقاءة بالهمز، ونظير هذا قولهم: مِذْرَوَان وثنايان (٢) في البناء على التثنية، ولولا ذلك لقالوا: مِذْريان، كما قالوا: مغزيان، فاعرفه فإن فيه أدنى غموض.
وجاء في التفسير: أن سقاية الحاج سقيهم الشراب والماء للحجيج في الموسم، قيل: كان نبيذ زبيب (٣).
وقوله: ﴿لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ﴾ فيه وجهان: أحدهما: مستأنف. والثاني: حال من المفعول حملًا على المعنى دون اللفظ، وذلك أن معنى قوله: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ سويتم بينهم، كأنه قيل: سويتم بينهم في حال تفاوتهم. والأول أمتن.
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ مبتدأ، ونهاية صلته ﴿وَأَنْفُسِهِمْ﴾،
(٢) المذروان: أطراف الأليتين، ولا واحد لهما. والثنايان: طرفا حبل العقال.
(٣) حكاه البغوي في معالم التنزيل ٢/ ٢٧٦ عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. وذكره ابن الجوزي ٣/ ٤١٠ - ٤١١ عن الحسن.