بشهادة قول ابن عباس - رضي الله عنهما -: اتخذوه ربًّا (١). فحذف الفعل والمفعول الثاني.
وقيل: التقدير وعبدوا المسيح (٢).
والأحبار: العلماء، واحدهم حَبرٌ بفتح الحاء، أو حِبرٌ بكسرها، وهو أحسن لإتوة جمعه على أفعال، وذلك أن فَعلًا بفتح الفاء سالمة العين لا يجمع على أفعال في الأمر العام.
وقوله: ﴿وَمَا أُمِرُوا﴾ الضمير في ﴿أُمِرُوا﴾ يحتمل أن يكون للعابدين وهم اليهود والنصارى، أي: وما أُمروا هؤلاء اليهود والنصارى إلَّا أن يعبدوا معبودًا واحدًا وهو الله تعالى، وأن يكون للمعبودين، أي: وما أُمروا هؤلاء الذين هم عندهم أرباب إلا أن يعبدوا الله ويوحدوه، فكيف يصح أن يكونوا أربابًا وهم مأمورون مستعبدون مثلهم؟ !
﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٣٢) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ﴾ دخلت ﴿إِلَّا﴾ مع يأبى الله وهو إيجاب لوجهين:
إما لحملها على المعنى، إذ كان المعنى: ويأبى الله كل شيء إلَّا إتمام نوره، أو لإِجرائهم (أبي) مجرى: لم يُرِدْ، ولهذا قوبل: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا﴾ بقوله: ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ﴾، وأُوقع موقع ولا يُريد الله إلَّا أن يتم نوره.
وليس قول من قال: دخلت ﴿إِلَّا﴾ لأن في الإِباء معنى النفي من حيث هو منع (٣)، وأنشد:
(٢) قاله العكبري ٢/ ٦٤١.
(٣) الذي قال ذلك هو الفراء ١/ ٤٣٣. وأشار إليه الزجاج ٢/ ٤٤٤ دون أن يسميه.