قوله عز وجل: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾ الهاء في ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ﴾ لرسول الله - ﷺ -، وفي جواب الشرط وجهان:
أحدهما: إلَّا تنصروه فسينصره من نصره حين لم يكن معه إلَّا رجل واحدٌ، ولا أقل من الواحد، فدل بقوله: ﴿فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾ إلى أنه ينصره في المستقبل كما نصره في ذلك الوقت.
والثاني: أنه أوجب له النصرة وجعله منصورًا في ذلك الوقت، فلن يخذل من بعده، قاله الزمخشري (١).
وقوله: ﴿ثَانِيَ اثْنَيْنِ﴾. انتصاب قوله: ﴿ثَانِيَ﴾ على الحال من الضمير في ﴿أَخْرَجَهُ﴾، وهو ضمير رسول الله - ﷺ -، أي: أخرجوه منفردًا عن جميع الناس إلَّا من أبي بكر - رضي الله عنه -.
الزمخشري: وأسند الإِخراج إلى الكفار، كما أسنده إليهم في قوله: ﴿مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ﴾ (٢)؛ لأنهم حين هموا بإخراجه أذن الله له في الخروج، فكأنهم أخرجوه (٣).
ومعنى ﴿ثَانِيَ اثْنَيْنِ﴾: أحد اثنين، كقوله: ﴿ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾ (٤)، أي: أحد ثلاثة. وللقوم في هذا مذهبان:
أحدهما: يقولون: ثاني اثنين، وثالث ثلاثة، ورابع أربعة، وخامس خمسة إلى عاشر عشرة، على التأويل المذكور إذا كان المضاف إليه من جنس المضاف؛ لكونه مشتقًا منه، أعني المضاف من المضاف إليه، والإِضافة حقيقية.
(٢) سورة محمد - ﷺ -، الآية: ١٣.
(٣) الكشاف ٢/ ١٥٢.
(٤) سورة المائدة، الآية: ٧٣.