قال مجاهد: مكثا فيه ثلاثًا (١).
وقوله: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ﴾ (إذ) بدل ثانٍ. وقيل: ﴿إِذْ هُمَا﴾ ظرف لـ ﴿ثَانِيَ﴾: (٢). والهاء في ﴿لِصَاحِبِهِ﴾ لأبي بكر - رضي الله عنه - (٣).
وقوله: ﴿فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ﴾ السكينة: فعيلة بمعنى مُفعلة؛ لأنه أنزل عليه ما يسكنه، وهو ما ألقي في قلبه من الأَمنة التي سكن عندها، وعلم أنهم لا يصلون إليه.
والضمير في ﴿عَلَيْهِ﴾ لأبي بكر - رضي الله عنه -؛ لأنه كان منزعجًا، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقيل: لرسول الله - ﷺ -، عن أبي إسحاق وغيره (٤).
والأول أوجه؛ لأن رسول الله - ﷺ - كان ساكن القلب رابط الجَأش، وكانت السكينة عليه قبل ذلك؛ لكونه عليه الصلاة والسلام خرج بإذن الله تعالى مبشَّرًا بما يسرُّه، بشهادة قوله: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ (٥).
وأما قوله: ﴿فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾ (٦)، فقيل: نزلت عليه يوم
(٢) التبيان ٢/ ٦٤٤.
(٣) أخرج الطبري ١٠/ ١٣٧ عن أبي بكر - رضي الله عنه - أنه طلب من رجل أن يقرأ سورة التوبة، فلما بلغ (إذ يقول لصاحبه) بكى أبو بكر - رضي الله عنه - وقال: أنا والله صاحبه. وقال النحاس في إعرابه ٢/ ١٨ عند هذه الآية: فأشاد الله جل وعز بذكر أبي بكر - رضي الله عنه -، ورفع قدره بخروجه مع رسول الله - ﷺ - وبذل نفسه، ولو أراد أن يهاجر آمنًا الفعل. وقال الزمخشري عندها أيضًا: وقالوا: من أنكر صحبة أبي بكر، فقد كفر كلام الله، وليس ذلك لسائر الصحابة.
(٤) انظر القولين بهذا الترتيب في معاني أبي إسحاق الزجاج ٢/ ٤٤٩. وقالهما الطبري ١٠/ ١٣٧ دون نسبة مع تقديم الثاني. وانظر زاد المسير ٣/ ٤٤٠ حيث نسب الأول أيضًا إلى علي - رضي الله عنه - وحبيب بن أبي ثابت. ونسب الثاني إلى مقاتل.
(٥) انظر مثل هذا في إعراب النحاس ٢/ ١٨ - ١٩ فقد انتصر للقول الأول أيضًا مدعيًا أنه قول أكثر أهل التفسير واللغة. وقد خالفه ابن عطية ٨/ ١٨٧.
(٦) سورة الفتح، الآية: ٢٦.