وقوله: ﴿مِنَ الْخَالِدِينَ﴾ من الذين لا يموتون ويبقون في الجنة.
﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَقَاسَمَهُمَا﴾ أي: حلف لهما، وأتى على زنة فاعلت وهو من واحد، كما قيل: عافاه الله، وعاقبت اللص.
وقوله: ﴿إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ أي: ناصح لكما، إن جعلتَ الألف واللام بمعنى الذي، وإن جعلتهما للتعريف كان ﴿لَكُمَا﴾ متعلقًا بالناصحين، وقد ذكر نظيره فيما سلف (١).
﴿فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ﴾ أصل التدلية إرسال الدلو في البئر، ثم وضعت موضع الإِطماع فيما لا يجدي نفعًا، فيقال: دَلَّاه، إذا أطمعه في غير مطمع، عن الأزهري (٢). وألفه منقلبة عن الياء، وليس قول من قال (٣): الألف بدل من ياء مبدلة من لام، والأصل دللهما من الدلالة لا من الدلال بمستقيم؛ لفساد المعنى ومخالفة أهل اللغة.
وقوله: ﴿بِغُرُورٍ﴾ يحتمل أن يكون متعلقًا بقوله: ﴿فَدَلَّاهُمَا﴾، وأن يكون متعلقًا بمحذوف على أن يكون في موضع الحال من الضمير المنصوب، أي: ملتبسين بغرور، أو من المرفوع في ﴿فَدَلَّاهُمَا﴾ أي: متأزرًا به.
(٢) تهذيب اللغة (دلا). والأزهري هو أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر الهروي الشافعي، كان رأسًا في اللغة والأدب، أخذ عن الهروي صاحب الغريبين، وله عدة تصانيف منها: التهذيب في اللغة توفي (٣٧٠) هـ.
(٣) هو العكبري ١/ ٥٦١. وحكاه أبو حيان ٤/ ٢٧٩ عن الأزهري كقول ثان.