وأما قول حسان - رضي الله عنه -:

٢٦٤ - بِزُجاجَةٍ رَقَصَتْ بما في دَنِّها رَقَصَ القَلُوصِ بِراكبٍ مُسْتَعجِلِ (١)
فعلى التشبيه.
ومحل ﴿يَبْغُونَكُمُ﴾: النصب على الحال من الواو في ﴿وَلَأَوْضَعُوا﴾، وكتب في "الإِمام" (وَلَا أَوْضَعُوا) بزيادة ألف قبل الفاء، قيل: وسبب ذلك أن الفتحة كانت تكتب ألفًا قبل الخط العربي، والخط العربي اخترع قريبًا من نزول القرآن، وقد بقي من ذلك الألف أثر في الطباع، فكتبوا صورة الهمزة ألفًا وفتحتها ألفًا أخرى، ومثله: ﴿أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ﴾ (٢).
وقوله: ﴿وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ﴾ ابتداء وخبر، و ﴿لَهُمْ﴾ من صلة ﴿سَمَّاعُونَ﴾ وفيه وجهان:
أحدهما: وفيكم أيها المؤمنون عيون لهم، أي: جواسيس يسمعون حديثكم فينقلونه إليهم.
والثاني: فيكم قوم يسمعون للمنافقين ويطيعونهم.
واختلف في هؤلاء العيون، فقيل: هم مؤمنون، وقيل: بل منافقون (٣).
﴿لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (٤٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ﴾ أي: من قبل غزوة
(١) انظر هذا الشاهد أيضًا في المحتسب ١/ ٢٩٣. وأساس البلاغة (رقص). والمحرر الوجيز ٨/ ١٩٦. وشرح ديوان حسان/ ٣٦٥/. ويروى: قعرها. وجوفها بدل (دنها). والقلوص من النوق: الشابة.
(٢) من سورة النمل (٢١). وانظر مثل هذا الكلام في معاني الزجاج ٢/ ٤٥١.
(٣) القولان في الطبري ١٠/ ١٤٥ - ١٤٦. والأول للحسن، والثاني لقتادة، وابن إسحاق. وانظر النكت والعيون ٢/ ٣٦٩. وزاد المسير ٣/ ٤٤٨.


الصفحة التالية
Icon