وقوله: ﴿لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ﴾ تقديره: لن يتقبل منكم أنفقتم طوعًا أو كرهًا. والكَره والكُره لغتان كالضَّعف والضُعف، وقد قرئ بهما (١).
﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (٥٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا﴾ (أنهم) فاعل منع، وهم و ﴿أَنْ تُقْبَلَ﴾ مفعولاه، أي: وما منعهم قبول نفقاتهم أو من قبول نفقاتهم إلَّا كفرهم بالله ورسوله.
وليس قول من قال: إنّ ﴿أَنْ تُقْبَلَ﴾ في موضع نصب على البدل من المفعول في ﴿مَنَعَهُمْ﴾ بمستقيم؛ لأن منع يطلب مفعولين نحو: منعت زيدًا حقّه.
وقد أجاز أبو إسحاق وجهًا آخر: وهو أن يكون فاعل الفعل الذي هو منع: الله تعالى، ﴿أَنَّهُمْ كَفَرُوا﴾ مفعولًا له، أي: وما منعهم الله من قبول نفقاتهم إلّا لأنهم كفروا بالله ورسوله (٢).
والأول أوجه لسلامته من هذا الإِضمار والحذف.
وقرئ: (أن تقبل) بالتاء والياء على البناء للمفعول (٣)، و (نفقاتهم) و (نفقتهم) على الجمع والتوحيد (٤)، ووجهها ظاهر.
(٢) انظر معاني أبي إسحاق الزجاج ٢/ ٤٥٣. وحكاه عنه النحاس في إعرابه ٢/ ٢٥.
(٣) كلاهما من المتواتر، فقد قرأ حمزة، والكسائي، وخلف: (أن يُقبل) بالياء. وقرأ الباقون: (أن تُقبل) بالتاء. انظر السبعة/ ٣١٥/. والحجة ٤/ ١٩٥ - ١٩٦. والمبسوط/ ٢٢٧/.
(٤) أما على الجمع (نفقاتهم) فهي المتواترة كما في المصادر السابقة، وقرئ: (أن تُقبل منهم نفقتهم) بالإفراد، ونسبت إلى أبي الأعرج بخلاف عنه، وإلى الأعمش. انظر المحرر الوجيز ٨/ ٢٠٣. وزاد المسير ٣/ ٤٥٢.