﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ﴾ (الصدقات) رفع بالابتداء، و ﴿لِلْفُقَرَاءِ﴾ الخبر، وما بعدها من الأصناف المعدودة عطف عليها داخلة في حيزها لكونها من جملة الحبر، كأنه قيل: إنما هي لهم لا لغيرهم؛ لأن (إنما) للحصر ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ (١).
ويجب صرفها إلى الأصناف كلها لأجل لام التمليك وواو التشريك، وهو مذهب الإِمام الشافعي - رضي الله عنه - (٢).
قيل: وإنما عدل عن اللام إلى ﴿فِي﴾ في الأربعة الأخيرة، للإِيذان بأنهم أرسخ في استحقاق التصدق عليهم ممن سبق ذكره، لأن (في) للوعاء، فنبه على أنهم أحقاء بأن تُوضع فيهم الصدقات ويُجعلوا مظنةً لها ومصبًا (٣).
وتكرير ﴿فِي﴾ في قوله: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ فيه فضل ترجيح لهذين على الرقاب والغارمين.
وقوله: ﴿فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ﴾ في انتصابها وجهان:
أحدهما: على الحال من المنوي في (للفقراء) بمعنى: مفروضة.
والثاني: على المصدر، وهو مصدر مؤكد؛ لأن قوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ﴾ معناه: فرض الله على ذوي الأموال الصدقات لهم فرضًا.
وقرئ بالرفع (٤) على أنها خبر مبتدأ محذوف، أي: تلك فريضة.
(٢) انظر الكشاف ٢/ ١٥٨. والمحرر الوجيز ٨/ ٢١٦.
(٣) الكشاف ٢/ ١٥٨ - ١٥٩.
(٤) يعني (فريضةٌ). كذا ذكرها الزمخشري ٢/ ١٥٨. وحكاها أبو حيان ٥/ ٦١ عنه دون نسبة. وقال الفراء ١/ ٤٤٤: والرفع في فريضة جائز لو قرئ به. وجوزه الزجاج ٢/ ٤٥٧ وقال: ولا أعلمه قرئ به. قلت: نسبها القرطبي في جامعه ٨/ ١٩٢ إلى إبراهيم بن أبي عبلة، والله أعلم.