بالجارحة التي هي آلة السماع، كأن جملته أُذُنٌ سامعة، كما قالوا للربيئة: هو عين القوم، وهذا عينهم (١).
وقوله: ﴿يُؤْمِنُ بِاللَّهِ﴾ (يؤمن) خبر بعد خبر، أو نعت بعد نعت على ما ذكر في ﴿خَيْرٍ﴾، قيل: وإنما عُدِّي فعل الإِيمان بالباء إلى الله تعالى وإلى المؤمنين باللام؛ لأنه قصد التصديق بالله الذي هو نقيض الكفر به، فعدِّي بالباء، وقصد السماع من المؤمنين، وأن يُسَلِّمَ لهم ما يقولونه ويصدقه لكونهم صادقين عنده، فعدي باللام (٢).
قلت: فعل الإِيمان يُعَدَّى بنفسه وبالباء وباللام، يقال: آمنه، وآمن به، وآمن له، وقد ورد التنزيل بهن.
وقوله: ﴿وَرَحْمَةٌ﴾ قرئ: بالرفع: (٣) عطفًا على أُذُن، أي: هو مستمع خير ورحمة، جعله - ﷺ - نفس الرحمة، لكثرة وقوعها به وعلى يديه ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ (٤) و: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (٥)، أو على تأويل: وهو ذو رحمة.
وبالجر (٦) عطفًا على ﴿خَيْرٍ﴾ على قراءة من جره، أي: هو أذنُ خيرٍ ورحمةٍ لا يسمع غيرهما، وقد ذكرت آنفًا.
وبالنصب (٧)، على أنها علَّةٌ معلَّلُها محذوف تقديره: ورَحمةً يأذن لكم،
(٢) هذا القول للزمخشري ٢/ ١٦٠.
(٣) هذه قراءة الجمهور عدا حمزة كما مر.
(٤) سورة الأنبياء، الآية: ١٠٧.
(٥) الآية (١٢٨) من هذه السورة.
(٦) هي قراءة حمزة خلافًا للجمهور، وقد خرجتها قبل قليل.
(٧) شاذة، نسبت إلى ابن أبي عبلة. انظر الكشاف ٢/ ١٦٠. والبحر المحيط ٥/ ٦٣. والدر المصون ٦/ ٧٤.