وقيل: ﴿أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾ خبر عنهما، إذ لا تفاوت بين رضا الله ورضا رسوله - ﷺ -؛ لأن الرسول عليه السَّلام قائم مقامه بشهادة قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ﴾ (١)، فكانا كذلك في حكمٍ مرضيٍّ واحد، ولذلك وحد الضمير في قوله: ﴿أَنْ يُرْضُوهُ﴾ (٢).
و(أن) من ﴿أَنْ يُرْضُوهُ﴾ في موضع نصب لعدم الجار وهو الباء، أو جر على إرادته، أي: بأن يرضوه، وقد مضى الكلام على نحو هذا عند قوله: ﴿فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ﴾ بأشبع ما يكون فأغنى عن الإِعادة هنا (٣).
﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (٦٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ﴾ فتحت (أن) الأولى لكونها معمول ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا﴾ وهي مع ما اتصل بها سدت مسد مفعوليه. ويحتمل أن يكون العلم هنا بمعنى العرفان، فيطلب مفعولًا واحدًا.
والضمير في ﴿أَنَّهُ﴾ ضمير الشأن والحديث، وما بعده مفسر له، و ﴿مَنْ﴾ شرطية في موضع رفع بالابتداء، وخبره فعل الشرط. ﴿فَأَنَّ لَهُ﴾: الفاء جواب الشرط.
والجمهور على فتح (أن) الثانية، واختلف في فتحها (٤):
فقيل: فتحت لأنها خبر مبتدأ محذوف، أي: فالأمر، أو فالشأن أن له نار جهنم.
(٢) انظر الكشاف ٢/ ١٦٠. والتبيان ٢/ ٦٤٩.
(٣) انظر إعرابه للآية (١٣) من هذه السورة.
(٤) انظر هذه الأوجه مخرجة في إعراب النحاس ٢/ ٢٨ - ٢٩. والمشكل ١/ ٣٦٦ - ٣٦٧. والمحرر ٨/ ٢٢٢.