تحته على البناء للفاعل (١) وهو الله تعالى.
وقرئ: (إن تُعْفَ عن طائفة منكم تُعَذَّبْ طائفة) على البناء للمفعول مع التأنيث فيهما (٢).
والوجه التذكير في الفعل الأول وهو (يعف) وهو قراءة الجمهور؛ لأن المسند إليه الظرف، كما تقول: سِيْرتِ الدابةُ، وسِيرَ بالدابةِ؛ وقُصِدَتْ هند، وقُصِد إلى هند، ولا تقول: سيرت بالدابة، ولا: قُصدت إلى هند، ولكنه حملٌ على المعنى، كأنه قيل: إن تسامح طائفة، أو إن ترحم طائفة، فأنث لذلك فاعرفه.
﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٦٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ (المنافقون) مبتدأ و ﴿بَعْضُهُمْ﴾ مبتدأ ثان، و ﴿مِنْ بَعْضٍ﴾ خبر المبتدأ الثاني، والمبتدأ الثاني وخبره خبر عن الأول. وغُلِّب المذكر على المؤنث في الجمع على دَأْبِ القوم.
وقوله: ﴿بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ أي: من جنس بعض في المرود على النفاق.
الزمخشري: ﴿بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ أريد به نفي أن يكونوا من المؤمنين، وتكذيبهم في قولهم: ﴿وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ﴾، وتقرير قوله: ﴿وَمَا هُمْ مِنْكُمْ﴾ (٣).
(٢) شاذة أيضًا نسبت إلى مجاهد. انظر المحتسب ١/ ٢٩٨. والمحرر الوجيز في الموضع السابق.
(٣) كلاهما من الآية (٥٦) من هذه السورة، وإلى هنا ينتهي كلام الزمخشري في الكشاف ٢/ ١٦١.