ومنع أبو جعفر النحاس أن يكون عطفًا على ﴿الْمُطَّوِّعِينَ﴾ قال: لأنك لو عطفته عليه لعطفت على الاسم قبل تمامه؛ لأن قوله: ﴿فَيَسْخَرُونَ﴾ عطف على قوله: ﴿يَلْمِزُونَ﴾ (١). وهذا سهوٌ منه؛ لأن كُلًّا داخل في صلة الموصول الأول وهو تمامه، أعني ﴿فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ﴾.
وقرئ: (إلا جهدهم) بضم الجيم وفتحها (٢)، وقيل: هما لغتان بمعنى الطاقة، أي لا يجدون إلَّا طاقتهم (٣). وقيل: بالضم: الطاقة، وبالفتح: المشقة (٤).
﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (٨٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿سَبْعِينَ مَرَّةً﴾ انتصاب ﴿سَبْعِينَ﴾ على المصدر لكون المُفَسَّرِ مصدرًا، وقد يقام العدد مقام المصدر، تقول: ضربته خمسين ضربة، فتنصب خمسين على المصدر لما ذكرت آنفًا، وفي التنزيل: ﴿فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ (٥)، فانتصاب ثمانين على المصدر لكون المُمَيَّزِ مصدرًا، فاعرفه.
﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (٨١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ المقعد: مصدر كالقُعود، و ﴿خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ ظرف له، أي: فرحوا بقعودهم عن
(٢) كذا أيضًا بالضم والفتح في معاني الزجاج ٢/ ٤٦٢. والكشاف ٢/ ١٦٤. والجمهور: بالضم. وقرأ الأعرج وجماعة معه بالفتح. انظر المحرر الوجيز ٨/ ٢٤٠.
(٣) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن ١/ ٢٦٤.
(٤) ذكره الجوهري (جهد) عن الفراء. وحكاه ابن الجوزي ٣/ ٤٧٧ عن ابن قتيبة.
(٥) سورة النور، الآية: ٤.