﴿وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٩)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ﴾ (قربات) مفعول ثان لـ (يَتَّخِذُ)، و ﴿عِنْدَ اللَّهِ﴾ ظرف لـ ﴿قُرُبَاتٍ﴾ على معنى: أن ما ينفقه سبب لحصول القربات عند الله.
وقد جوز أن يكون ظرفًا لـ (يَتَّخِذُ)، وأن يكون صفة لـ ﴿قُرُبَاتٍ﴾ (١).
وقوله: ﴿وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ﴾: فيه وجهان:
أحدهما: عطف على ﴿مَا يُنْفِقُ﴾ على معنى: ويتخذ نفقاته في سبيل البر ودعوات الرسول له قربات عند الله؛ لأنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام كان يدعو للمتصدقين بالخير والبركة ويستغفر لهم، كقوله: "اللهم صل على آل أبي أوفى" (٢)، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ (٣).
والثاني: عطف على ﴿قُرُبَاتٍ﴾ على معنى: ويتخذ ما ينفقه تقربًا إلى الله جل ذكره، وطلب دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، ويجوز إسكان راء (قربات) وفتحها وضمها (٤).
وقوله: ﴿أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ﴾ الهاء في ﴿إِنَّهَا﴾ للنفقة، وقيل: للصلوات، و ﴿لَهُمْ﴾ من صلة. قربة، أو صفة لها.
وقرئ: (قُرُبة) بضم الراء (٥) على الأصل، والإسكان تخفيف.

(١) التبيان ٢/ ٦٥٦.
(٢) متَّفقٌ عليه من حديث عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه -، أخرجه البخاري في الزكاة، باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة (١٤٩٧). ومسلم في الزكاة باب الدعاء لمن أتى بصدقته (١٠٧٨).
(٣) من الآية (١٠٣) الآتية بعد قليل.
(٤) قاله الزجاج ٢/ ٤٦٥. وانظر إعراب النحاس ٢/ ٣٧.
(٥) قرأها نافع في عدة روايات عنه، انظر السبعة/ ٣١٧/. والحجة ٤/ ٢٠٩. والمبسوط / ٢٢٨/. والتذكرة ٢/ ٣٥٩.


الصفحة التالية
Icon