وقوله: ﴿وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا﴾ كلاهما مصدر مؤكد، أما ﴿وَعْدَ اللَّهِ﴾: فمؤكد لقوله: ﴿إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ﴾، وأما ﴿حَقًّا﴾: فمؤكد لقوله: ﴿وَعْدَ اللَّهِ﴾، أي: وعَدَ اللهُ ذلك وَعْدًا وحَقَّ ذلك حَقًّا، لأنَّ ذلك وَعْدٌ منه سبحانه. وقد أجيز رفعهما على الابتداء والخبر، ولكن لَمْ تثبت به قراءة.
وقوله: ﴿إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ﴾ الجمهور على كسر الهمزة على الاستئناف، وقرئ بفتحها (١) وفيه ثلاثة أوجه:
أحدهما: في موضع نصب لعدم الجار وهو اللام، أي: لأنه، أو جر على إرادته.
والثاني: هو منصوب بالفعل الناصب لقوله: ﴿وَعْدَ اللَّهِ﴾ أي: وعد الله وعدًا (أنه يبدأ الخلق)، أي: بَدْءُ الخلق ثم إعادته، أي: إعادة الخلق بعد بدئه.
والثالث: في موضع رفع عل أنه فاعل بما نَصبَ ﴿حَقًّا﴾، أي: حق حقًّا بدء الخلق، أو بقوله: ﴿حَقًّا﴾ أي: حقًّا بدؤه الخلق وإعادته، أي: يحق ذلك، وبدأ وأبدأ لغتان. بمعنى واحد، وقد ورد بهما الكتاب العزيز (٢).
وقوله: ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ﴾ اللام من صلة الإعادة لا من صلة البدء كما زعم بعضهم.
وقوله: ﴿بِالْقِسْطِ﴾ من صلة قوله: ﴿لِيَجْزِيَ﴾ بمعنى: ليجزيهم بقسطه، أي: بعدله. والقسط بالكسر: العدل، تقول منه: أقسط الرجل فهو مقسط، يعني يوفيهم ثواب إيمانهم وأعمالهم، أو بقسطهم وبما
(٢) أما (بدأ) فهذه وغيرها. وأما (أبدًا) فمن قوله تعالى في العنكبوت: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ﴾ [١٩].