قوله عز وجل: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ﴾ قرئ بالسين (١) من التسيير، يقال: سارت الدابة [سِرْتها] وسَيَّرتها، قال الهذلي (٢):

٢٧٨ - فَلا تَجْزَعَنْ مِن سُنَّةٍ أَنْتَ سِرْتَها فَأَوَّلُ رَاضٍ سُنَّةً مَن يَسِيرُهَا (٣)
فَعدَّاه كما ترى، يقول: أنت جعلتها سائرة في الناس.
وقال لبيد:
٢٧٩ - لَسِيَّانِ حَرْث أو تَبُوؤوا بِخَزْيَةٍ وَقَد يَقْبَلُ الضَّيْمَ الذَّلِيلُ المُسَيَّرُ (٤)
وهو المراد.
وبالشين (٥) من النشر، والمراد به التفريق، يقال: نشرته فانتشر، ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ (٦)، ﴿إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ﴾ (٧)، أي: يصرفكم ويبثكم فيهما، ﴿وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ (٨)، فالبث تفريق ونَشر.
وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ﴾ (الفلك) بالضم: السفينة ويكون واحدًا وجمعًا، وَيُذَكَّرُ على إرادة المركب، ويؤنث على تأويل السفينة، فمن التذكير قوله جل ذكره: ﴿فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ (٩)، ومن التأنيث قوله:
(١) هذه قراءة الجمهور كما سيأتي.
(٢) هو خالد بن زهير، وهو ابن أخت أبي ذؤيب وابن عمه.
(٣) انظر هذا البيت في شرح أشعار الهذليين ١/ ٢١٣. والحجة ٤/ ٢٦٥. والخصائص ٢/ ٢١٢. وجمهرة اللغة ٢/ ٧٢٥. والأغاني ٦/ ٢٧٧. ومقاييس اللغة ٣/ ٦١. والصحاح (سنن). والمخصص ١٤/ ٢٤١. والمحرر الوجيز ٩/ ٢٥. ويروى: راضِي سُنَّةٍ.
(٤) كذا أيضًا هذا الشاهد في الحجة الموضع السابق.
(٥) يعني (يَنْشُرُكُمْ). وهي قراءة أبي جعفر، وابن عامر، وقرأ الباقون بالأولى كما تقدم. انظر السبعة/ ٣٢٥/. والحجة ٤/ ٢٦٥. والمبسوط/ ٢٣٣/. والنشر ٢/ ٢٨٢.
(٦) سورة الجمعة، الآية: ١٠.
(٧) سورة الروم، الآية: ٢٠.
(٨) سورة الشورى، الآية: ٢٩.
(٩) سورة الشعراء، الآية: ١١٩.


الصفحة التالية
Icon