قوله عز وجل: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ مبتدأ وخبره ﴿كَمَاءٍ﴾.
و﴿أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ﴾: في موضع جر على النعت لماء وفيه وجهان:
أحدهما: في الكلام حذف مضاف تقديره: كنبات مطر منزل من السحاب، ثم حذف المضاف؛ لأنه شَبَّهَ الحياة الدنيا بالنبات على الأوصاف المذكورة.
والثاني: على الظاهر من غير تقدير مضاف، وشَبَّه الحياة الدنيا بالمطر المنزل.
وقوله: ﴿فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ﴾ قيل: الباء هنا للسبب، أي: اختلط النبات بسبب اتصال الماء به. وقيل: المعنى خالطه نبات الأرض، أي: اتصل به فَرَبّاه (١).
وعن نافع (٢) أنه كان يقف على قوله: ﴿فَاخْتَلَطَ﴾، على معنى: فاختلط الماء بالأرض، ثم يبتدئ: ﴿بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ﴾ (٣) على الابتداء والخبر، أي: بالماء نبات الأرض، وعلى قول الجمهور: ﴿نَبَاتُ الْأَرْضِ﴾ فاعل الفعل الذي هو ﴿فَاخْتَلَطَ﴾.
وقوله: ﴿مِمَّا يَأْكُلُ﴾ محله النصب على الحال من النبات، على قول من لم يقف على قوله: ﴿فَاخْتَلَطَ﴾، ومن المنوي في ﴿بِهِ﴾ على قول نافع، ولا يجوز أن تجعله حالًا من النبات وترفعه بالابتداء على قوله، لعدم العامل في الحال؛ لأن الابتداء لا يعمل في الحال.
وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا﴾: جوابها ﴿أَتَاهَا﴾.
وقوله: ﴿وَازَّيَّنَتْ﴾ أصله: تزينت، فأدغمت التاء في الزاي بعد قلبها

(١) انظر القولين في التبيان ٢/ ٦٧١.
(٢) هو الإمام نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي المدني أبو رُوَيم، أحد القراء السبعة، كان أسود اللون حالكًا، ذا دعابة وطيب خلق. توفي سنة تسع وستين ومائة رحمه الله.
(٣) كذا في القرطبي ٨/ ٣٢٧ عن نافع، وذكرها ابن عطية ٩/ ٩ عن بعض القراء. لكن ردها أبو حيان ٥/ ١٤٣ وقال: الوقف هنا لا يجوز.


الصفحة التالية
Icon