عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠) قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣١)}:
قوله عز وجل: ﴿هُنَالِكَ تَبْلُو﴾ (هنالك) ظرف مكان، أي: في ذلك المقام، وفي ذلك الموقف، أو ظرف زمان، أي: في ذلك الوقت، على استعارة اسم المكان للزمان، وهو ظرف لقوله: ﴿تَبْلُو﴾.
فإن قلت: ما الفرق بين هنا، وهناك، وهنالك؟
قلت: قيل: هنا للقريب، وهناك: للبعيد، وهنالك: لما هو أبعد منه، كذا، وذاك، وذلك. وكُسِرت اللام لسكونها وسكون الألف قبلها، والكاف للخطاب لا محل لها من الإعراب. ومعنى ﴿تَبْلُو﴾: تختبر، يقال: بلوت الشيء بلوًا، إذا جربته واختبرته.
﴿مَا أَسْلَفَتْ﴾ (ما) موصولة في موضع نصب بـ (تبلو)، أي: تختبر وتذوق ما قدمت من العمل خيرًا كان أو شرًّا.
وقرئ: (تتلو) بتاءين (١)، وفيه وجهان:
أحدهما: من التلاوة التي هي القراءة، بمعنى: تقرأ في صحيفتها ما قدمته من العمل ﴿فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ﴾ (٢)، ﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ﴾ (٣).
والثاني: من التلو الذي هو التَّبَعُ، يقال: تلوت فلانًا أتلوه تُلُوًا، إذا تبعته، وما زلت أتلوه حتى أتليته، أي: تقدمته وصار خلفي، بمعنى: تتبع ما
(٢) سورة الإسراء، الآية: ٧١.
(٣) سورة الإسراء، الآية: ١٣.