﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (٣٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ (شيئًا) فيه وجهان:
أحدهما: نصب بقوله: ﴿يُغْنِي﴾ على أنه مفعول به، و ﴿مِنَ الْحَقِّ﴾ في موضع نصب على الحال منه لتقدمه عليه.
والثاني: في موضع المصدر، و ﴿مِنَ الْحَقِّ﴾ من صلة ﴿يُغْنِي﴾ أي: لا يغني من الحق إغناءً، وقد ذكر نظيره فيما سلف من الكتاب، والمعنى: شيئًا من الإغناء.
﴿وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٣٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى﴾ (ما) نفي، و ﴿هَذَا﴾ اسم كان، و ﴿الْقُرْآنُ﴾ صفة له.
و﴿أَنْ يُفْتَرَى﴾: في موضع نصب بخبر كان، وهي في تأويل المصدر، بمعنى: وما كان هذا القرآن افتراء، وفيه وجهان:
أحدهما: بمعنى المفعول كَخَلْقِ الله، وَضَرْبِ الأمير، أي: مفترىً.
والثاني: هو على بابه وفي الكلام حذف مضاف، أي: وما كان هذا القرآن ذا افتراء. وقيل: خبر كان محذوف والتقدير: وما كان هذا القرآن ممكنًا أن يفترى. وقيل: التقدير: لأن يفترى (١).
وقوله: ﴿وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ﴾ الجمهور على نصب ﴿تَصْدِيقَ﴾ و (تفصيل) كليهما، وفي انتصابه وجهان:

(١) انظر هذه الأوجه أيضًا في إعراب النحاس ٢/ ٦٠. والتبيان ٢/ ٧٥.


الصفحة التالية
Icon