قوله عز وجل: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ (أم) هاهنا بمعنى بل وهمزة الاستفهام، وهي التي تسمى المنقطعة، كالتي في قولهم: إنَّها لإبل أم شاء (١).
والمعنى: بل أيقولون اختلقه من تلقاء نفسه؟ على أن الهمزة تقرير لإلزام الحجة عليهم، أو إنكارٌ لقولهم واستبعاد، والمعنيان متقاربان (٢).
وقيل: هي متصلة، والتقدير: أيقرون بأن القرآن من عند الله وأنه كلامه أم يقولون افتراه محمد - ﷺ - (٣)؟
وقوله: ﴿بِسُورَةٍ مِثْلِهِ﴾ الجمهور على تنوين قوله: ﴿بِسُورَةٍ﴾، و ﴿مِثْلِهِ﴾ صفة للسورة، والنية فيه الانفصال، أي: مثل له، أي: للقرآن. ومعنى ﴿بِسُورَةٍ مِثْلِهِ﴾: أي شبيهة به في البلاغة وحسن النظم.
وقرئ: (بسورةِ مثلِهِ) بترك التنوين (٤) على الإضافة، على حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، أي: بسورة كتاب مثله، أو حديث، أو ذكر مثله.
﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٣٩) وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (٤٠) وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٤١) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (٤٢)﴾:
(٢) من الكشاف ٢/ ١٩١. وانظر معاني الزجاج ٣/ ٢١.
(٣) انظر المحرر الوجيز ٩/ ٤٤. والدر المصون ٦/ ٢٠٤.
(٤) قراءة شاذة نسبت إلى عمرو بن فائد. انظر المحتسب ١/ ٣١٢. والمحرر الوجيز ٩/ ٤٦.