ولك أن تجعل الضمير في ﴿مِنْهُ﴾ في كلا الوجهين للعذاب، أو لله جل ذكره.
فإن قلت: فإن جعلت الضمير في ﴿مِنْهُ﴾ لله تعالى على الوجه الثاني فأين الراجع إلى المبتدأ من الجملة؟.
قلت: محذوف تقديره: أيّ شيء يستعجله المجرمون من الله؟ كقولك: زيد ضربت (وكُلٌّ وعد الله الحسنى) على قراءة ابن عامر (١).
ولك أن تجعل (ماذا) اسمين: (ما) للاستفهام في موضع رفع بالابتداء، و (ذا) بمعنى الذي في موضع خبره، وما بعده صلته، والعائد محذوف بمعنى ما الذي يستعجله المجرمون منه؟ وقد ذكر نظيره فيما سلف من الكتاب في غير موضع (٢).
وجواب الشرط الذي هو ﴿إِنْ أَتَاكُمْ﴾ محذوف تقديره: عَظُم عليكم، أو ندمتم، أو نحو ذلك. وقيل: ﴿مَاذَا يَسْتَعْجِلُ﴾ هو الجواب، كقولك: إن أتيتك ماذا تُطعِمُنِي؟ (٣).
﴿أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ الْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (٥١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ﴾ دخِول حرف الاستفهام على (ثم) كدخوله على الفاء والواو في قوله: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى﴾، ﴿أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى﴾ (٤).
وقرئ: (أَثَمَّ) بالفتح (٥)، على أنه ظرف بمعنى: هنالك (٦)؟ و (ما) مزيدة
(٢) انظر أولها عند إعراب الآية (٢٦) من البقرة.
(٣) قاله الزمخشري ٢/ ١٩٣.
(٤) سورة الأعراف، الآيتان: ٩٧ و ٩٨.
(٥) نسبت إلى طلحة بن مصرف. انظر المحرر الوجيز ٥٣/ ٩. والبحر ٥/ ١٦٧.
(٦) فسر الطبري ١١/ ١٢٢ (ثُمَّ) على قراءة الجمهور بمعنى: هنالك، قال: وليس هي هنا التي=