وقرئ: (آلحق هو) (١) قيل: وهو داخل في الاستهزاء لتضمنه معنى التعريض بأنه باطل، وذلك أن اللام للجنس، فكأنه قيل: أهو الحق لا الباطل؟ أو: أهو الذي سميتموه الحق (٢)؟
وهذه القراءة كقراءة الجمهور في المعنى؛ لأن الأجناس تتساوى فائدتا معرفتها ونكرتها، تقول: هذا حق، وهذا الحق، وهذا صدق، وهذا الصدق، ومنه: خرجت فإذا بالباب أسد، وإذا بالباب الأسد، المعنى واحد وَوَضْعُ اللفظِ مختلفٌ، وسبب ذلك كون الموضع جنسًا، قاله أبو الفتح (٣).
وقوله: ﴿إِي وَرَبِّي﴾ قيل: (إي) بمعنى نعم في القسم خاصة، كما كان (هل) بمعنى قد في الاستفهام خاصة، وسُمع يقولون في التصديق: (إيْوَ) فيصلون بواو القسم (٤). و (ربي) قسم، و ﴿إِنَّهُ﴾ جوابُ القسم، والضمير في ﴿إِنَّهُ﴾ لأحد الأربعة الأشياء المذكورة آنفًا.
﴿وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٥٤) أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٥٥) هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٥٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ﴾ (أن) في موضع رفع بفعل مضمر، وقد ذكر في غير موضع (٥). ﴿ظَلَمَتْ﴾ في موضع جر على أنه صفة لنفس. و ﴿مَا﴾ اسم ﴿أَنَّ﴾، و ﴿لِكُلِّ نَفْسٍ﴾ خبرها. أي: ولو أن
(٢) قاله الزمخشري ٢/ ١٩٣ - ١٩٤.
(٣) المحتسب ١/ ٣١٢ - ٣١٣.
(٤) انظر الكشاف ٢/ ١٩٤.
(٥) انظر إعراب الآية (١٠٣) من البقرة.