أحدهما: على نفي الجنس، كقولك: لا رجل، ولا إله إلّا الله.
والثاني: على العطف على لفظ ﴿مِنْ مِثْقَالِ﴾، أو على ﴿ذَرَّةٍ﴾ فتحًا في موضع الجر لامتناع الصرف (١).
والرفع من وجهين أيضًا:
أحدهما: على الابتداء، والخبر قوله: ﴿إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾.
والثاني: على العطف على محل ﴿مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ﴾.
والاختيار: الوجه الأول من كلا الوجهين؛ لأدن العطف على اللفظ أو على المحل فيه إشكال؛ لأدن قولك: لا يعزب عنه شيء إلّا في كتاب مشكلٌ، اللهم إلّا أن تجعل ﴿إِلَّا﴾ منقطعة بمعنى لكن.
والمعنى: وما يعزب عن علم ربك من مثقال ذرة، ولا أصغر منها ولا أكبر، لكن هو مثبت في اللوح المحفوظ معلوم عنده غير خاف عليه، فاعرفه.
فإن قلتَ: قد ذكرتَ فيمن قرأ: ﴿وَلَا أَصْغَرَ﴾ بالفتح على الوجه الثاني أنه عطف على لفظ ﴿مِنْ مِثْقَالِ﴾، أو على ﴿ذَرَّةٍ﴾، وذكرت فيمن رفع على الوجه الثاني أنه عطف على محل ﴿مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ﴾، ولم تتعرض لذرة، فهل ثَمَّ فرقٌ بينهما في الحكم والتقدير؟.
قلت: نعم إذا فتحت وعطفت على ﴿مِثْقَالِ﴾ كان التقدير: وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة، ولا من أصغر من مثقال، وإذا عطفت على ﴿ذَرَّةٍ﴾ كان التقدير: ولا يعزب عن ربك مثقال ذرة، ولا مثقال أصغر. والرفع على محل ﴿مِنْ مِثْقَالِ﴾، لأن محله الرفع، و ﴿مِنْ﴾ مزيدة

(١) لأنه صفة على وزن أفعل، وانظر هذا الوجه في الحجة ٤/ ٢٨٥ - ٢٨٦. وانظر الوجه الأول في الكشاف ٢/ ١٩٥.


الصفحة التالية
Icon