إِلَّا الظَّنَّ} و ﴿شُرَكَاءَ﴾ نصب بـ ﴿يَدْعُونَ﴾، والتقدير: وما يتبع الذين يدعون شركاء من دون الله علمًا ويقينًا بل يتبعون ظنهم، أو بالعكس وهو أن يكون مفعول ﴿يَدْعُونَ﴾ محذوفًا، ومفعول ﴿يَتَّبِعُ﴾: ﴿شُرَكَاءَ﴾، والتقدير: وما يتبع الذين يدعون الآلهة من دون الله شركاء، أي: وما يتبعون حقيقة الشركاء، وإن كانوا يسمونها شركاء؛ لأن شركة الله في الربوبية محال، ما يتبعون إلّا ظنهم أنها شركاء.
﴿وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ أي: وما هم إلّا يخرصون، أي: وما هم إلّا يحزرون ذلك ويقدرون، والخرص: الحَزْرُ، والخرص: الكذب.
والثالث: استفهامية منصوبة بـ ﴿يَتَّبِعُونَ﴾، و ﴿شُرَكَاءَ﴾ مفعول ﴿يَدْعُونَ﴾ بمعنى: وأي شيء يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء؟ بمعنى أنهم لا يتبعون شيئًا، وأن معبودهم لا يستحق العبادة.
و﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ يحتمل أن يكون من صلة ﴿يَدْعُونَ﴾، وأن يكون حالًا من ﴿شُرَكَاءَ﴾ لتقدمه عليها.
الزمخشري: وقرأ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: (تدعون) بالتاء (١)، ووجهه أن يحمل ﴿وَمَا يَتَّبِعُ﴾ على الاستفهام، أي: وأي شيء يتبع الذين تدعونهم شركاء من الملائكة والنبيين؟ يعني أنهم يتبعون الله ويطيعونه فما لكم لا تفعلون مثل فعلهم؟ كقوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ﴾ (٢)، ثم صرف الكلام عن الخطاب إلى الغيبة فقال: إن يتبع هؤلاء المشركون إلّا الظن، ولا يتبعون ما يتبع الملائكة والنبيون من الحق (٣).
﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٧)﴾:

(١) الكشاف ٢/ ١٩٦. ونسبها ابن عطية ٩/ ٦٥ إلى أبي عبد الرحمن السلمي.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ٥٧.
(٣) الكشاف الموضع السابق.


الصفحة التالية
Icon