والجمهور على قطع الألف وكسر الميم في (فأَجمِعوا)، من أجمع الأمر وأزمعه، إذا نواه وعزم عليه، وفي التنزيل: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ﴾ (١). وقال الشاعر:

٢٨٨ - أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ بِلَيْلٍ فلمّا أَصْبَحُوا أَصْبَحَتْ لَهُمْ ضَوضَاءُ (٢)
وأمر مجمع، قال:
٢٨٩ - يا ليتَ شِعْرِي والمُنَى لا تَنفَعُ هل أَغْدُوَنْ يومًا وأَمرِي مُجْمَعُ (٣)
وقوله: ﴿وَشُرَكَاؤُكُمْ﴾ الجمهور على نصب الشركاء، وفي نصبه ثلاثة أوجه:
أحدهما: أن يكون مفعولًا معه، أي فأجمعوا أمركم مع شركائكم. فإن قلت: لم حمل على هذا دون أن يكون معطوفًا على لفظ ﴿أَمْرُكُمْ﴾؟ قلت: قيل: لأجل أن الإجماع لا يقع على الشركاء، لا يقال: أجمعت شركائي، إنما يقال: جمعت شركائي، وأجمعت أمري.
وحرف العطف يقوم مقام الفاعل، فلا تقول: ضربت زيدًا العِلْمَ؛ لأنه لا يصلح أن تقول: ضربت العِلم، فلما لم يجز في الواو العطف جُعل بمنزلة مع، كجاء البرد والطيالسة.
فإن قلت: فقد شرط النحاة أن يكون الفعل في باب المفعول معه لازمًا للفاعل غير متعد إلى مفعولٍ؛ لأنه لو كان متعديًا التبس المفعول معه
(١) سورة يوسف، الآية: ١٠٢.
(٢) البيت للحارث بن حلّزة اليشكري من معلقته. انظره في جمهرة اللغة ١/ ٢٤٢. وشرح القصائد السبع الطوال / ٤٥٢/ وشرح القصائد العشر لابن النحاس ٢/ ٦٢. والحجة ٤/ ٢٨٧. ومقاييس اللغة ١/ ٤٨٠. والمحرر الوجيز ٩/ ٦٨. والتبيان ٢/ ٦٨١.
(٣) لم أجد من نسبه، وهو في معاني الفراء ١/ ٤٧٣. وتفسير الطبري ١١/ ١٤١. وشرح القصائد السبع / ٤٥٢/. والأضداد / ٤١/. والحجة ٤/ ٢٨٧. والخصائص ٢/ ١٣٦. والصحاح (جمع). والكشاف ٢/ ١٩٧. والمحرر ٩/ ٦٨. وزاد المسير ٤/ ٤٨.


الصفحة التالية
Icon