وقوله: ﴿فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ﴾ فيه وجهان:
أحدهما: فما كان قوم الرسل الذين بعثوا بعد نوح ليؤمنوا بعد مجيء الرسل بما كذبوا به قبل مجيئهم، أي: أصروا على الكفر بعد المجيء كما كانوا عليه قبله، ولم يقع فصل بين حالتيهم، كأن لم يبعث إليهم أحد.
والشماني: ما كان قوم الرسل بعد نوح ليؤمنوا بما كذب به قوم نوحٍ قبلهم، أي: كانوا مثلهم في الكفر والعتو.
﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (٧٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ أي: من بعد الرسل.
﴿فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (٧٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ﴾ الجمهور على حذف الألف وكسر السين في قوله: ﴿لَسِحْرٌ﴾ لأن الإشارة إلى الفعل الواقع ثَمَّ: من قلب العصا حية وما أشبه ذلك، وقرئ: (لساحر) بالألف (١)، فالإشارة على هذه القراءة إلى موسى - عليه السلام -.
﴿قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (٧٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا﴾ اختلف في مَحْكِيّ القول ومعموله هنا، فقيل: محذوف، وهو ما دل عليه قولهم: ﴿إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ﴾ كأنه قيل: أتقولون للصدق الذي لا شبهة فيه: هو سحر، ثم قيل على وجه الاستئناف: ﴿أَسِحْرٌ هَذَا﴾ موبخًا لهم ومنكرًا عليهم (٢).

(١) قراءة شاذة نسبت إلى مجاهد، وسعيد بن جبير، والأعمش. انظر المحتسب ١/ ٣١٦. والمحرر الوجيز ٩/ ٧٣.
(٢) رجح الطبري ١١/ ١٤٥ - ١٤٦ هذا القول، وانظر الكشاف ٢/ ١٩٩.


الصفحة التالية
Icon