﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (٨١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ﴾ قرئ: (السِّحْرُ) (١) على الخبر، وفي (ما) وجهان:
أحدهما: موصول ومحله الرفع بالابتداء، و ﴿جِئْتُمْ بِهِ﴾ صلته وعائده، وخبره: ﴿السِّحْرُ﴾، والمعنى: الذي جئتم به هو السحر، لا الذي سمَّاهُ فرعون وقومه سحرًا من آيات الله، تعضده قراءة من قرأ: (ما جئتم به سِحْرٌ) بالتنوين من غير ألف ولام، وهم: أُبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - ومعاذ القارئ (٢).
والثاني: استفهام وفي محله وجهان:
أحدهما: الرفع بالابتداء، و ﴿جِئْتُمْ بِهِ﴾ الخبر، أي: أيُّ شيءٍ جئتم به؟ وارتفاع ﴿السِّحْرُ﴾ على هذا على إضمار مبتدأ، أي: هو السحر.
والثاني: النصب بفعل مضمر بعده يفسره هذا الظاهر، بمعنى: أيُّ شيء أتيتم أو جئتم؟ دل عليه هذا الظاهر.
فإن قلت: لم أضمرت له فعلًا، ولولا نصبته بهذا الظاهر؟ قلت: لأن هذا الظاهر قد استوفى مفعوله وهو (به)، وهو ضميره، والفعل إذا تعدى إلى
(٢) انظر هذه القراءة في معاني الفراء ١/ ٤٧٥. وتفسير الطبري ١١/ ١٤٨. وإعراب النحاس ٢/ ٧٠. والكشاف ٢/ ١٩٩. والمحرر الوجيز ٩/ ٧٥. وقراءة أُبي - رضي الله عنه -: (ما أتيتم) به سحر.
ولا خلاف في موضع الشاهد، ولم أجد من نسبها إلى معاذ القارئ، ومعاذ هو ابن الحارث الأنصاري المدني المعروف بالقارئ، روى عن نافع، وابن سيرين. وتوفي بالحرة سنة ثلاث وستين.