والثالث: صلة لـ ﴿أُحْكِمَتْ﴾ و ﴿فُصِّلَتْ﴾ بمعنى: من عنده إحكامها وتفصيلها.
و﴿لَدُنْ﴾ ظرف غير متمكن مبني، وسبب بنائه قلة تمكنه وتصرفه لفظًا ومعنى:
أما اللفظ: فكونه لا يستعمل إلّا مضافًا، ولا يدخل عليه شيء من حروف الجر إلّا (مِن) وحده، ونظيره في قلة التصرف والتمكن مذ ومنذ إذا كانتا اسمين؛ لأنهما لا تكونان إلّا مبتدأين وهو سبب بنائهما.
وأما المعنى: فكونه خارجًا عن نظيره وهو (عند)؛ لأنه مخصوص بملاصقة الشيء وشدة مقاربته، و (عند) ليس كذلك بل هو للقريب وما بَعُد عنه، وبمعنى الملك فاعرفه.
﴿أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ﴾ أن ثلاثة أوجه:
أحدها: الناصبة للفعل، وفي محلها ثلاثة أوجه:
أحدها: النصب وفيه وجهان: أحدهما: مفعول له، على معنى: فصّلت لئلا تعبدوا. والثاني: آمركم بألّا تعبدوا، فلما حذف الجار وصل الفعل فنصب، فمحلها النصب لعدم الجار.
والثاني: الجر على إرادته على الخلاف المشهور المذكور في غير موضع.
والثالث: الرفع على إضمار: هو ألّا تعبدوا إلّا الله.
والثاني: المفسرة بمعنى أي؛ لأن في تفصيل الآيات معنى القول، ولا تعبدوا نهي، كأنه قيل: قال لا تعبدوا إلّا الله، ولا محل لها من الإِعراب على هذا الوجه.


الصفحة التالية
Icon