فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (١٧)}:
قوله عز وجل: ﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ الهمزة للاستفهام، والفاء جواب ما أخبر به عن مريدي الحياة الدنيا.
و(مَن) موصول في موضع رفع بالابتداء، والخبر محذوف، أي: أفمن كان على بينة من ربه مع ما ذكر من الأوصاف، كمن هو خال منها، لا وربّ الكعبة إن بينهما تفاوتًا بعيدًا، وتباينًا بَيِّنًا.
والمراد به النبيّ - ﷺ - في قول الجمهور، والضمير في ﴿رَبِّهِ﴾ له (١).
وقوله: ﴿وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ﴾ اختُلِف في الشاهد:
فقيل: جبريل - عليه السلام - وهو التالي، إمّا من التلو بمعنى: يتبعه ويؤيده، أو من التلاوة بمعنى: يقرأ عليه شاهد منه، أي من الله جل ذكره يشهد له بالصدق.
فالضمير في (يتلوه) المفعول لـ (من)، وهو النبيّ - ﷺ -، وفي ﴿مِنْهُ﴾ لله عز وجل.
وقيل: الشاهد لسان رسول الله - ﷺ - وهو التالي، وهو من التلاوة، بمعنى: ويقرأ القرآن شاهد منه، أي من النبي - ﷺ -.
وقيل: الشاهد الإنجيل، فالضمير في (يتلوه) على هذا للقرآن، وفي ﴿مِنْهُ﴾ لله عز وعلا، بمعنى: يتبع القرآن بالتصديق.
وقيل: الشاهد القرآن، فالضمير في (يتلوه) على هذا للبينة، وفي ﴿مِنْهُ﴾ لله تعالى، بمعنى: يتبع ذلك البرهان شاهد من الله يشهد بصحته.
وقيل: غير ذلك، والله تعالى أعلم بكتابه (٢).
(٢) انظر هذه الأقوال متفرقة في معاني الفراء ٢/ ٦. ومعاني الزجاج ٣/ ٤٣. وتفسير الطبري ١٢/ ١٤ - ١٥. وإعراب النحاس ٢/ ٨٣. وانظرها مجتمعة في زاد المسير ٤/ ٨٥ - ٨٦ حيث أوصلها إلى ثمانية أقوال.