وأن تكون ظرفية بمعنى مدة دوام ذلك، أو وقت دوام ذلك، أي: مدة أو وقت استطاعتهم السمع والإبصار، وجاء في التفسير: أن الله تعالى يجعلهم في جَهَنَّم مستطيعي ذلك أبدًا (١).
﴿وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ﴾ عطف عليها، وحكمها في الأوجه حكمها.
﴿لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٢٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ﴾ جرم: مبني مع لا على الفتح، واختلف في معناه، فقيل: لا بد ولا محالة، وقيل: لا حَقَّ (٢)، فهو اسم على هذا مبني مع لا في موضع رفع بالابتداء، والخبر ﴿أَنَّهُمْ﴾.
ويجوز على قول من قال معناه حق: أن يكون في موضع رفع على أنه فاعل حقٍّ بمعنى: حقٌّ خسرانهم.
وقال أبو إسحاق: (لا) نفي لما ظنوا أنه ينفعهم، وهو ما أصروا عليه، وأصل معنى جرم: كسب، من قولهم: فلان جارم أهله، أي: كاسبهم، فكأن المعنى عنده لا ينفعهم ذلك، ثم ابتدأ فقال: جرم أنهم في الآخرة لهم الأخسرون، فجرم على قوله فعل ماض معناه كسب، وفاعله مستكن فيه، وأَنَّ في موضع نصب والتقدير: جرم ذلك الفعل لهم الخسران في الآخرة (٣).
وقيل: أَنَّ: في موضع نصب لعدم الجار (٤)، أو جر على إرادته، إذ التقدير والمعنى: لا محالة في خسرانهم (٥).
(٢) القولان في معاني الفراء ٢/ ٨. والتبيان ٢/ ٦٩٣. واقتصر سيبويه ٣/ ١٣٨ على الثاني، وحكاه الزجاج ٣/ ٤٥. والنحاس في إعرابه ٢/ ٨٤ عنه.
(٣) انظر قول أبي إسحاق في معانيه ٣/ ٤٦. وحكاه عنه النحاس ٢/ ٨٥. ومكي ١/ ٣٩٦ - ٣٩٧.
(٤) هذا قول الكسائي كما في مشكل مكي ١/ ٣٩٧. والبيان ٢/ ١١.
(٥) انظر التبيان ٢/ ٦٩٣.