و ﴿مِنَ النَّارِ﴾: يحتمل أن يكون نعتًا بعد نعت لعذاب، وأن يكون حالًا منه لكونه قد وصف.
وقوله: ﴿قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ﴾ أي: لكل فريق من المضلِّين والمضَلِّين عذابٌ ضعفٌ من النار، فحذف الموصوف وهو العذاب، والصفة وهي النار؛ لدلالة الأولى عليهما.
وقوله: ﴿وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ قرئ: بالتاء النقط من فوقه (١) على الخطاب، أي: ولكن لا تعلمون أيها المضِلُّون والمضَلُّون ما لكل فريق منكم من العذاب.
وقرئ: بالياء النقط من تحته (٢) حملًا على كل؛ لأنه وإن كان للمخاطبين، فهو اسم ظاهر موضوع للغيبة، فلما كان كذلك حمل على اللفظ دون المعنى.
﴿وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٣٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ﴾ (من فضل) في موضع رفع باسم كان، و ﴿مِنْ﴾ مزيدة لاستغراق الجنس، وقد ذكر نظيره فيما سلف من الكتاب.
قيل: عطفوا هذا الكلام على قول الله تعالى للسفلة: ﴿لِكُلٍّ ضِعْفٌ﴾ (٣)، أي: فقد ثبت أن لا فضل لكم علينا، لأنكم كفرتم كما كفرنا، فنحن وأنتم متساوون في استحقاق الضعف (٤).
(٢) قرأها عاصم في رواية أبي بكر وحده. انظر السبعة / ٢٨٠/. والحجة ٤/ ١٧. والمبسوط/ ٢٠٨/.
(٣) من الآية السابقة.
(٤) قاله الزمخشري ٢/ ٦٢.