أحدهما: أنه في موضع رفع على البدل من ﴿عَاصِمَ﴾ على المحل، وهو بمعنى الراحم، أي: لا مانع اليوم من عذاب الله إلّا الراحم وهو الله عزّ وعلا، والاستثناء على هذا متصل.
والثاني: أنه في موضع نصب، وهو بمعنى المرحوم، أي: لا مانع اليوم من عذاب الله إلّا من رَحِمَهُ الله، والاستثناء على هذا منقطع، لأن المفعول ليس من جنس الفاعل.
وعلى الثاني: ﴿مَنْ﴾ في موضع رفع على البدل، والاستثناء متصل، أي: لا معصوم من أمر الله إلّا مَن رَحِمَهُ الله، أي: لا معصوم إلّا المرحوم.
وعلى الثالث: ﴿مَنْ﴾ في موضع رفع، والاستثناء متصل، أي: لا ذا عصمة إلّا مَن رَحِمَهُ الله. ولا مقال في أن ﴿مَنْ رَحِمَ﴾ من جنس المعصوم، وهذا الوجه في الإعراب كالوجه الذي قبله.
وبعد... فإن الاستثناء متى جعلته متصلًا كان ﴿مَنْ﴾ في موضع رفع على البدل من ﴿عَاصِمَ﴾ على المحل، أو نصب على الوجه الثاني، وهو أن يكون معربًا منصوبًا بلا، على ما ذكر قبيل، ومتى جعلته منقطعًا كان ﴿مَنْ﴾ في موضع نصب وتقدر إلّا بـ (لكن).
وقرئ: (إلّا من رُحِمَ) على البناء للمفعول (١)، و ﴿مَنْ﴾ على هذه القراءة أيضًا يحتمل أن يكون متصلًا، وأن يكون منقطًا.
وقوله: ﴿وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ﴾ فيه وجهان:
أحدهما: حال بين نوح وابنه (٢).
والثاني: بين ابنه وبين الجبل الذي قصده حين قال: ﴿سَآوِي إِلَى جَبَلٍ﴾ (٣).
(٢) الطبري ١٢/ ٤٦. وهو قول مقاتل كما في زاد المسير ٤/ ١١١.
(٣) قاله الفراء ٢/ ١٧. ورواه أبو صالح عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وبه قال مجاهد. انظر زاد المسير الموضع السابق.