قوله عز وجل: ﴿هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً﴾ انتصاب قوله: ﴿آيَةً﴾ على الحال: إمَّا من الناقة والعامل فيها ما في (هذه) من معنى التنبيه أو الإشارة، بمعنى: انتبهوا لها، أو أنبهكم عليها وأشير إليها في هذه الحال، والآية: العلامة.
أو من المنوي في ﴿لَكُمْ﴾ على أن تجعل ﴿نَاقَةُ اللَّهِ﴾ عطف بيان لـ ﴿هَذِهِ﴾، أو بدلًا منها، و ﴿لَكُمْ﴾ خبر هذه، والعامل فيها على هذا ﴿لَكُمْ﴾.
وعلى الوجه الأول: ﴿لَكُمْ﴾ حال من ﴿آيَةً﴾ لتقدمه عليها، إذ لو تأخر لكان وصفًا لها، وقد ذكر نظير هذا فيما سلف من الكتاب في غير موضع.
وقوله: ﴿وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ﴾ أي: قريب من عقرها، لا يستأخر عن مسكم لها بسوء إلّا يسيرًا، وذلك ثلاثة أيام ثم يقع عليكم.
﴿فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (٦٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ﴾ (ثلاثة) ظرف للتمتع، أي: استمتعوا بالعيش في منازلكم وبلدكم.
وقوله: ﴿ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾ قيل: غير مكذوب فيه، فاتّسع في الظرف بحذف الحرف وإجرائه مجرى المفعول به، كقوله:
٣٠٣ - ويومٍ شَهِدْناهُ سُلَيمًا...................... (١)
أي: شهدنا فيه.
وقيل: المكذوب: مصدر كالمعقول والمجلود، أي: وعد غير كذب (٢)، وقيل: هو مفعول بمعنى الفاعل، كقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ

(١) لرجل من بني عامر، وتمامه:
......................... وعامرًا... قليلٍ سوى الطَّعْن النِّهالِ نوافلُهْ
وهو من شواهد سيبويه ١/ ١٧٨. والمقتضب ٣/ ١٠٥. والكامل ١/ ٤٩. وإيضاح الشعر/ ٥٥/. والكشاف ٢/ ٢٢٤. والمفصل/ ٧٢/.
(٢) انظر هذا القول والذي قبله في الكشاف ٢/ ٢٢٣ - ٢٢٤. والتفسير الكبير ١٨/ ١٧.


الصفحة التالية
Icon