والثاني: هو مفعول قالوا على المعنى، كأنه قيل: ذكروا سلامًا؛ لأن القول ذِكر، كما أن الذكر قول، وهو اسم واقع موقع التسليم، كالكلام موقع التكليم.
وأما قوله: ﴿قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ﴾ فارتفاعه على أحد وجهين: إمَّا على الابتداء، والخبر محذوف، أي: سلامٌ عليكم، أو بالعكس، أي: أمري أو شأني سلامٌ.
وقرئ: (قال سِلْم) (١)، وفيه وجهان:
أحدهما: بمعنى سلام، كحِرْمٍ وحَرَام.
والثاني: بمعنى المسالمة التي هي خلاف الحرب، كأنهم لما كفوا عن تناول ما قدمه إليهم خليل الرحمن صلوات الله وسلامه على نبينا وعليه فنكرهم وأوجس الخيفة منهم.
قال عليه السلام: أنا سلم لكم ولست بحرب لكم، فلا تمتنعوا من تناول طعامي كما يُمتنَع من طعام العدو (٢)، يقال: فلان سِلْم لفلان، أي مسالم له.
وقوله: ﴿فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ﴾ (ما) نافية، و ﴿أَنْ﴾ في موضع نصب لعدم الجار، وهو عن، أو جر على إرادته. وفي ﴿لَبِثَ﴾ ذكر يعود على إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أي: فما مكث عن أن جاء. واللَبْث واللَبَاث: المكث.

(١) من العشر، قرأها حمزة، والكسائي. انظر السبعة ٣٣٧ - ٣٣٨. والحجة ٤/ ٣٥٩. والمبسوط / ٢٤١/. والتذكرة ٢/ ٣٧٣.
(٢) قال في هامش المطبوع: لم أجد هذا الحديث فيما اطلعت عليه من كتب السنة. قلت ومن قال إن هذا حديث؟ ! إنما هو من كلام المؤلف تفسيرًا للآية على لسان الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.


الصفحة التالية
Icon