وكقراءة من قرأ: (وحورًا عينًا) بالنصب بعد قوله: ﴿وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ (١) وليس بالمتين أيضًا، لأجل الفصل بين العاطف والمعطوف عليه بالظرف، وهو خبيث عند صاحب الكتاب وأبي الحسن وموافقيهما (٢).
والثاني: أنه منصوب بفعل مضمر، كأنه قيل: فبشرناها بإسحاق ووهبنا لها من بعده يعقوب؛ لأن البشارة بالولد تتضمن معنى الهِبَة، فلذلك أَضْمَرَ وهبنا دون غيره، فلا يكون على هذا داخلًا في البشرى.
وقيل: الوراء ولد الولد (٣)، تقول العرب: هذا ابني من الوراء، أي: ابن ابني.
وعن الشعبي أنه قيل له: أهذا ابنك؟ فقال: نعم من الوراء، وكان ولدَ ولدِه (٤).
قيل: ووجه ذلك أن يقال: سمي وِلْدُ إسحاق وراء؛ لأنهم وراءها، أي: أولاد أولادها، وإنما بشرت بيعقوب وحده من أولاد إسحاق؛ لأنها رأته ولم تر غيره.
﴿قَالَتْ يَاوَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢)﴾
(١) سورة الواقعة، الآية: ٢١. وكان في (أ) و (ب): يطاف عليهم بآنية. سبق قلم، وكأنه أراد: ﴿ويطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب.. ﴾. ونسبت القراءة إلى أبي بن كعب - رضي الله عنه -، انظر سيبويه ١/ ٩٥. ومعاني الفراء ٣/ ١٢٤. وإعراب النحاس ٣/ ٣٢٤.
(٢) انظر إعراب النحاس ٢/ ١٠١ - ١٠٢. ومشكل مكي ١/ ٤١٠.
(٣) قاله ابن عباس - رضي الله عنهما -، والحسن، والشعبي. انظر جامع البيان ١٢/ ٧٤ - ٧٥. ومعاني النحاس ٣/ ٣٦٤. والنكت والعيون ٢/ ٤٨٥.
(٤) حكاه عنه صاحب الكشاف ٢/ ٢٢٥. والرازي ١٨/ ٢٣.