فاعرفه فإنه من غوامض النحو وأسراره (١).
والجمهور على نصبه، وهو الوجه، لأجل الإمام مصحف عثمان - رضي الله عنه -؛ لأنه بالألف فيه ووجهه ما ذكرت.
وقرئ: (شيخٌ) بالرفع (٢) على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا بعلي هو شيخ، والوقف على هذا ﴿بَعْلِي﴾؛ لأن الجملة قد تمت، أو ﴿بَعْلِي﴾ بدل من المبتدأ الذي هو ﴿هَذَا﴾، و (شيخ) هو الخبر، أو (شيخ) بدل من ﴿بَعْلِي﴾، كأنه قيل: هذا شيخ، كما أن التقدير فيما قبله: بعلي شيخ، أو يكونان معًا خبرين عن ﴿هَذَا﴾، كما تقول: هذا حلو حامض، أي قد جمع الحلاوة والحموضة، وكذا ﴿هَذَا﴾ قد جمع البعولة والشيخوخة، فهذه أربعة أوجه ذكرهن صاحب الكتاب في الكتاب (٣).
ولا يجوز أن يكون ﴿بَعْلِي﴾ عطف بيان لـ ﴿هَذَا﴾ و (شيخ) الخبر كما زعم بعضهم (٤)، لأن ﴿بَعْلِي﴾ لا يجوز أن يكون وصفًا لـ ﴿هَذَا﴾؛ لأن أسماء الإشارة لا توصف بالمضاف، وذلك أن النحاة لم يجيزوا: مررت بهذا ذي المال، على الوصف، كما أجازوا مررت بهذا الرجل؛ لأجل أن المبهم إذا احتاج إلى الصفة كان اتصالها به أشد من اتصالها بزيد ونحوه.
وإذا كان كذلك كنت جعلت ثلاثة أشياء: المبهم، والمضاف، والمضاف إليه شيئًا واحدًا، وذلك لا يجوز.
ويوضح ذلك: أنه لا يقع الفصل بين المبهم وصفته بحال، فلا يقول
(٢) قراءة شاذة نسبت إلى ابن مسعود - رضي الله عنه -، والأعمش. انظر معاني الفراء ٢/ ٢٣. ومعاني الأخفش ١/ ٣٨٥. وإعراب النحاس ٢/ ١٠٢. والمحتسب ١/ ٣٢٤. والمحرر الوجيز ٩/ ١٩٠.
(٣) انظر كتاب سيبويه ٢/ ٨٣ و ٨٦. ومعاني الزجاج ٣/ ٦٤. وإعراب النحاس ٢/ ١٠٢ - ١٠٣.
(٤) هو النحاس ٢/ ١٠٣. والعكبري ٢/ ٧٠٧.