إلى معنى الاستقبال، كأنه قيل: جادلنا (١).
وفي (جاءته البشرى) وجهان:
أحدهما: عطف على ﴿ذَهَبَ﴾.
والثاني: حال من ﴿إِبْرَاهِيمَ﴾، وقد معه مرادة.
والرَّوْعُ بالفتح: الفزع، ومنه قولهم: أَفْرَخَ رَوْعُهُ، أي: ذهب فزعُهُ وسَكَنَ (٢): وهو ما أوجس من الخيفة حين نكر أضيافه. والرُّوع بالضم: القلب والعقل، يقال: وقع ذلك في رُوعي، أي: في خَلَدي وبالي، وفي الحديث: "إن الروح الأمين نفث في روعي" (٣)،
وقوله: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ﴾ الأواه: الكثير التأوه خوفًا وإشفاقًا من الذنوب، وهو فعَّال من أوَّهَ فلانٌ تَأْوِيهًا وتَأَوَّهَ تأَوُّهًا، إذا قال: أوَّهْ.
﴿يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ الضمير في ﴿إِنَّهُ﴾ ضمير الشأن والحديث، وما بعده مفسر له.
وقوله: ﴿آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾ (آتيهم) خبر إن، و ﴿عَذَابٌ﴾ مرفوع به، لأن اسم الفاعل إذا جرى خبرًا لمبتدأ، أو صفةٍ لموصوف، أو صلة

(١) هذا مذهب الأخفش، والكسائي كما في مشكل مكي ١/ ٤١١. وانظر الكشاف الموضع السابق.
(٢) كذا قال الجوهري (روع). قلت: وهو مَثَل قاله معاوية - رضي الله عنه - لأحد الولاة. انظر أمثال أبي عبيد/ ٣٢٤/.
(٣) وبعده: ".. أنه لن تموت نفس حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها، فأجملوا في الطلب.. ". أخرجه أبو نعيم في الحلية ١٠/ ٢٧ من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -، وأورده ابن الأثير في جامع الأصول ١٠/ ١١٧ من حديث أنس - رضي الله عنه -، وانظر الحديث أيضًا في غريب أبي عبيد ١/ ٢٩٨. والكامل ١/ ٤٥٢. والفائق ٤/ ٩.


الصفحة التالية
Icon