﴿وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٨٥)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ انتصاب ﴿مُفْسِدِينَ﴾ على الحال من الضمير في ﴿وَلَا تَعْثَوْا﴾، وقد ذكرت فيما سلف من الكتاب أن العِثِيَّ والعَيْثَ أشد الفساد، وأن يقال: عَثِيَ يَعْثَي، وعاث يعيث (١).
قيل: والعُثِيُّ في الأرض: نحو السرقة، والغارة، وقطع السبيل (٢).
وقد جوز أن يجعل التطفيف والبخس عثيًا منهم في الأرض (٣).
﴿بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (٨٦)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ﴾ (بحفيظ) في موضع نصب بخبر (ما) على لغة أهل الحجاز. و (عليكم) من صلته، ولا يجوز أن يكون في موضع رفع على لغة أهل تميم؛ لأنَّ الباء لا تدخل على خبر المبتدأ.
﴿قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (٨٧)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾ أن وما اتصل بها في موضع نصب بتأمر لعدم الجار وهو الباء، أي: بأن نترك ما يعبد آباؤنا من الأصنام، أو جرٍّ على إرادته.
وقوله: ﴿أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ﴾ (أن نفعل) في موضع نصب بالعطف على ﴿مَا يَعْبُدُ﴾، أي: أَوْ تأمرُكَ بأن نترك فعلنا في أموالنا من البخس والتطفيف فإنا تراضينا بذلك.
ولا يجوز أن يكون معطوفًا على معمول ﴿تَأْمُرُكَ﴾ وهو أن وما عملت
(٢) قاله صاحب الكشاف ٢/ ٢٢٨.
(٣) أخرجه الطبري ١٢/ ١٠٠ عن الضحاك.