في الآخرة (١).
قال أبو إسحاق: كلّ شيء جعلته عونًا لشيء، أو أسندت به شيئًا فقد رفدته، يقال: عمدت الحائط، وأسندته، ورفدته بمعنى واحد (٢).
وقيل: بئس العطاء المعطى عطاؤُهم (٣).
والرِّفد - بالكسر - العطاء والصلة، والرَّفد - بالفتح - المصدر، يقال: رفدته أرفدُه رفدًا، أي: أعطيته، وكذلك إذا أعنته.
﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (١٠٠)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ﴾ (ذلك): مبتدأ، والإشارة إلى النبأ، و ﴿مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى﴾: خبره.
و﴿نَقُصُّهُ عَلَيْكَ﴾ إما خبر بعد خبر، أي: ذلك النبأ بعض أنباء القرى مقصوص عليك، بمعنى متلوّ عليك، يقال: قصصت الحديث أقصه، إذا تلوته قَصصًا، والاسم أيضًا القَصص بالفتح، وضع موضع المصدر حتى صار أغلب عليه، أو حال، أي: مقصوصًا عليك، والعامل ما في ﴿ذَلِكَ﴾ من معنى الفعل.
ولك أن تجعل ﴿ذَلِكَ﴾ في موضع نصب بفعل مضمر دل عليه ﴿نَقُصُّهُ﴾، أي: نقص ذلك من أخبار القرى نقصّه، وقد ذكر نظيره فيما سلف من الكتاب (٤).
وقوله: ﴿مِنْهَا قَائِمٌ﴾ ابتداء وخبر، و (حصيدٌ) عطف عليه، أي: ومنها

(١) كذا في الكشاف ٢/ ٢٣٣ أيضًا. وعن قتادة: زيدوا لعنة يوم القيامة. أخرجه الطبري ١٢/ ١١١.
(٢) معاني الزجاج ٣/ ٧٧.
(٣) هذا قول ابن قتيبة كما في زاد المسير ٤/ ١٥٦. وهو معخى قول أبي عبيدة ١/ ٢٩٨: بئس العون المعان. وانظر جامع البيان في الموضع السابق.
(٤) نظيره قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ﴾ [آل عمران: ٤٤]. ولم يذكر فيه وجه النصب. وتقدم نظيره أيضًا في هذه السورة وهو قوله تعالى: ﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ﴾ [٤٩] ولم يذكر فيه وجه النصب أيضًا.


الصفحة التالية
Icon