حصيد، وهذه الجملة عارية عن المحل مستأنفة. والضمير في ﴿مِنْهَا﴾ للقرى.
قيل: والمعنى بعضها باق وبعضها عافٍ الأثرَ (١)، كالزرع القائم على ساق والذي حصد، ﴿وَحَصِيدٌ﴾: فعيل بمعنى مفعول.
﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (١٠١)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿يَدْعُونَ﴾ حكاية حال ماضية، ومعناه: يعبدون.
وقوله: ﴿لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ لما: ظرف لقوله ﴿فَمَا أَغْنَتْ﴾ ومعمول له.
وقولِه: ﴿وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ﴾ (هم) و (غيرَ) مفعولا زاد.
والتتبيب: التخسير، يقال: تبّ إذا خسر، ومنه: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ (٢)، وتببه غيره: إذا أوقعه في الخسران.
﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ﴾ (أخذ ربك) مبتدأ، و (كذلك) الخبر، أي: أخذ ربك مثل ذلك الأخذ، وقرئ: (وكذلك أَخَذَ ربُّك) بلفظ الماضي (٣)، فموضع الكاف على هذه القراءة النصب على أنَّه نعت لمصدر محذوف، أي: أَخْذًا مثل ذلك الأخذ.
وقوله: ﴿إِذَا أَخَذَ﴾ إذا: منصوب بقوله: ﴿أَخْذُ رَبِّكَ﴾، أو (أَخَذَ) على قدر القراءتين.

(١) هذا المعنى أخرجه الطبري ١٢/ ١١٢ عن قتادة قال: (منها قائم) يرى مكانه. (وحصيد) لا يرى له أثر. وأخرج عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن القائم يعني به القرى العامرة، والحصيد القرى الخامدة.
(٢) سورة المسد، الآية: ١.
(٣) قرأها عاصم الجحدري، وطلحة بن مصرف. انظر إعراب النحاس ٢/ ١١٠. والقرطبي ٩/ ٩٥.


الصفحة التالية
Icon