والثالث: أنه أبدل من الكسرة فتحة كما يبدل من الياء ألفًا من قال: يا غلاما.
والرابع: أنه أراد يا أبتا، فحذف الألف واستبقى الفتحة قبلها تدل عليها كما فعل مَن حذف الياء في يا غلامِ وبَقَّى الكسرة قبلها دالة عليها.
والمختار الوجه الرابع، وما عداه فهو تكلفٌ وتعسف.
وقد وُقِفَ عليها بالهاء لأنَّها تاء التأنيث، وبالتاء لأجل الرسم مع أنه لغية فاعرفه.
وعن ابن أبي عبلة (١): (يا أَبَتُ) بالضم (٢) تشبيهًا بما فيه تاء التأنيث غير مرخم، نحو: يا طلحةُ، من غير اعتبار لكونها عوضًا من ياء الإضافة.
وقوله: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا﴾ الجمهور على تحريك عين (أحد عشر) على الأصل، وقرئ: بإسكانها (٣) تخفيفًا لتوالي الحركات وتنبيهًا على أنهما قد صارا كالاسم الواحد، وكذلك بقية العدد إلى تسعة عشر ما عدا اثني عشر واثنتي عشرة، لئلا يلتقي ساكنان. ﴿كَوْكَبًا﴾ تمييز.
وقوله: ﴿رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ انتصاب ﴿سَاجِدِينَ﴾ على الحال من الهاء والميم في ﴿رَأَيْتُهُمْ﴾، لا أنه مفعول ثان كما زعم بعضهم، لأنَّ رأيت وإن كان من الرؤيا فهي من رؤية العين من جهة المعنى دون رؤية القلب، وإنما أجراها مجرى العقلاء في قوله: ﴿رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾؛ لأنه لما
(٢) أشار إليها الزمخشري ٢/ ٢٤١ عندما قال: قرئ بالحركات الثلاث. قلت: وضم التاء وجه جوزه الفراء ٢/ ٣٢، وضعفه الزجاج ٣/ ٩٠. ولم أجد من نسب هذه القراءة الشاذة.
(٣) تقدمت هذه القراءة لأبي جعفر في التوبة (٣٦). وانظر المبسوط / ٢٢٦/. والنشر ٢/ ٢٩٣. وهي قراءة الحسن، وطلحة بن سليمان، ورواية عن أبي عمرو. انظر إعراب النحاس ٢/ ١٢٣. ومختصر الشواذ / ٦٢/. والمحتسب ١/ ٣٣٢. والمحرر الوجيز ٩/ ٢٤٨.